في المجلس السادس عشر حيث سجل النواب في ذلك المجلس أسوء أداء نيابي عرفته البرلمانات على الإطلاق وتوجوا مسيرتهم إضافةً لغسيل ملفات الفساد وتبرئة الفاسدين بقانون الصوت الواحد الذي خبر الأردنيون جيداً افرازاته واكْتَوّا بها ، كنا نحلم بمجلس يُعيد الأُمور إلى نصابها ويُصلح ما أفسدته الحكومات في المجالس السابقة ، وكان لوقفة النواب الجدد أطيب الأثر في تهميش بعض النواب ممن مَلَّهمْ الأردنيين وعرفوا تاريخهم من المخضرميين الذين ساهموا في ايصال البلاد إلى الحال التي نرى كان أبعاد الكثير منهم عن اللجان والمكتب الدائم وإبعادهم عن المواقع القيادية في المجلس عدا شخصيات قليلة مارست القيادة من وراء حجاب وبطريقة غير مباشرة وكان لهؤلاء بعض الأثر في تعليم بعض النواب الجُدد قواعد التكسب والتبعية .
اعتقد أن البرلمان عاد لسابق عهده في السير مع التيار فقد وجدوا أن الإقصاء والتهميش سيكون نصييب من يحجب الثقة أو يتطرق للفساد أو يسير عكس التيار وقد يفقد الكثير من الامتيازات والوفود والسفرات والمياومات والامتيازات ، ورأى الكثيرون أن من الخير وضع الرأس بين الرؤوس ،ورأينا أيضاً أن مُدللي الحكومات والأرقام الصعبة في المجلس ممن مرروا وساعدوا ووقفوا وراء أجندات الحكومات ،يقفون اليوم في صف المُعارضة على مبدأ إذا لم يكن للمرأ في دولة امرئٍ نصيب ولاحظ تمنى زوالها، واصبحوا أقطاب للمعارضة ولكن الحكومة دائماً تضمن الأغلبية وإذا فشلت فبإلغاء التصويت الإلكتروني والتصويت برفع الأيدي وحساب الثمانية وثلاثون يداً أربع وخمسين مثلاً وهي ليست سابقة فقد اعتادها الأردنيون في سلوك رؤوساء المجالس ودون استثناء .
وبدون مقدمات فقد مررت الحكومة كل أجنداتها سواء الشخصية منها أو العامة ولم يجد رئيس الوزراء رغم ما تعرض له من اساءات لشخصه وانتقادات لم تكن لرئيس قبله ولن تكون لمن سيأتي بعده إلا أنه وعلى مبدأ أشبعناهم شتماً وفازوا بالإبل استطاع انتزاع الثقة وتمرير الموازنة بعد أن نجح في تمريرها بقانون مؤقت مُستغلاً ثغرة في الدستور المعدل والذي حاصر الحكومات وقلص تماماً صلاحياتها في سن قوانيين مؤقته بعد أن نجحت إحداها بتمرير ما يزيد على 200 قانون مؤقت خلال فترة ولايتها ومع أن تمرير رفع الدعم وفرض الضريبة من أهم الممارسات التي نفدتها الحكومات بوجود مجالس بإرادة مُجيره سلفاً تفادياً وخوفاً من التيارات الشعبية والحراكات ولكن هذه الحكومة وبوجود برلمان شرس كما بدأ في أيامه الأولى وبدعم الحراك لم يحل دون تنفيذ أجندة الحكومة في رفع الأسعار وإلغاء الدعم وفرض الضرائب ، وبقي مجلسنا الموقر مُتفرجاً على ما يجري رغم ما أُشيع عن ضراوة وشراسة بعض النواب التي لم تُجدي شيئاً أمام إصرار الرئيس وبأضعف حكومة في التاريخ الحديث والقديم من تحقيق أهدافه التي اعلنها جِهاراً نَهاراً قبل وبعد وأثناء استجداء الثقة رغم ما صاحب مارثون الثقة من وعود وتمنيات كان الجميع يعرف بعد اعتياد اسلوب الرئيس أنها لن تتحقق !!.
مايهم المواطن الأردني بالنتيجة مجموعة من الأسئلة يسعى للحصول على اجابتها لكي يصفق للنواب والحكومة إذا استدعي الأمر رغم شدة المعاناة والعَنَتْ الذي لمسه منها وكم ذهبت به إلى البحر وأعادته عطشاناً في اعلامها لتسويق مُخططها القاضي برفع الدعم وزيادة الاسعار حيث برع الرئيس في بساطة الخطاب وبدا وكأنه يُخاطب العامة من كبار السن وبأسلوب عجائزي إبتداءً بتكرار الإيمان ولبس عباءة الواعظ الحريص والعراب الحكيم وانتهاء بالتخويف والتهويل من القادم كانهيار الاقتصاد الأردني وانخفاض سعر الدينار وما إلى ذلك مُبتعداً عن حقيقة املاءات الدائنين وتنفيذ أجندة تُبقيه رئيساً بغض النظر عن نتائجها الكارثية .
وأما أجندة المواطن والوطن المتمثلة في كيفية إعادة الأموال المنهوبة والأصول المسلوبة ومعالجة البطالة وعجز الموازنة فلم تكن ضمن برنامج الحكومة وخُططها ولم يتطرق لها السادة النواب ممن لوّحوا في برامجهم الانتخابية بإعادة ملفات الفساد إلى الواجهة وإعادة النظر في اشكالية تبرئة القوم بما يكفل مُحاسبة المُقصرين فمهما صدرت احكام نيابية أو قضائية فستبقى قضايا الفوسفات والميناء وسكن كريم ورخصة أمنية وسكن كريم وشركات الكهرباء ملفات فساد سيُعاد فتحها و سيتوارثها الأردنيون جيلاً بعد جيل ولن يضيع الحق بوجود المطالبين .
إن قناعة الأردنيين التي لا تتزعزع بأن ما وصلت إليه البلاد من فقر و عوز لم يكن قدراً ولم يكن بسبب نقص الامكانيات ولا انعدام الكفاءات وإنما كان نتاجاً لهدر طاقات الوطن الاقتصادية والتعليمية والأمنية والثقافية والاجتماعية وممارسة الفساد بكافة اشكاله المالي والإداري وغياب المؤسسات الرقابية أو تغيبها بالرشوة والسطوة أو كلاهما وتكميم الأفواه وطُغيان الإعلام المُضلل بتصوير الانتكاسات المتوالية على أنها انجازات منقطعة النظير ودوام التصفيق والتهليل وقول آمين .
ليت الحكومات تعلم أن تصحيح الأوضاع وإعادة القطار إلى سكته لم يعد ترفاً بل هو ضرورة مُلحة تمليه المصلحة الوطنية والظروف الاقليمية والدولية ولم تعد الدنيا ربيع ولم يعد الجو بديع ويجب فتح كل المواضيع من خلال مؤتمر وطني لخبراء في الاقتصاد والسياسة والتعليم والطاقة والمياه لبناء استراتجية وطنية بسواعد وطنية منتمية وغيورة وقادرة على اعادة بناء الوطن على أُسس سليمة وخُطط وبرامج ومعايير قياس دورية لتحديد مدى التقدم نحو الأهداف لتصحيح المسار والله من وراء القصد.