حل جلالة الملك عبدالله الثاني ضيفاً على أخيه سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة. وتأتي هذه الزيارة، والشعب العربي الكويتي فرغ لتوه من ممارسة حقه الدستوري في إنتخاباته البرلمانية والذي عكس نهجاً ديمقراطياً، سلمياً وحضارياً، بالإضافة إلى كون هذه الزيارة تتسق إطار التشاور الذي يهدف إلى خدمة العمل العربي المشترك، وتعزيز أواصر الإخوة بين الشعبين العربيين الشقيقين، الأردني والكويتي، وتتويجا للعلاقات التاريخية التي تربط القطرين الشقيقين، واستكمالاً لحرص الدولتين على تلمس الوجع العربي وهمومه على أمل لملمة شعثه وإيقاظه، ومحاولة جادة وصادقة لإيجاد الحلول التي ربما قد تسهم في تعزيز الأمن والإستقرار الداخلي العربي، وإعادة إحياء التضامن العربي والذي نحن جميعا بأمس الحاجة إليه من اجل حاضرنا و مستقبل الأجيال العربية الآتية، خاصة في هذه الظروف العصيبة التي تعيشها الأمة العربية بأسرها. كما تأتي هذه الزيارة من اجل دفع العلاقات الأخوية – الثنائية، الأردنية-الكويتية، إلى إلامام وتطويرها لما فيه خير الشعبين العربيين، الأردني والكويتي.
ولا احد يستطيع أن ينكر أو يتجاوز على الحقيقة التي مفادها أن الكويت، الصغيرة في حجمها والكبيرة بعطائها وموقعها على الخريطة العلاقاتية العربية و الدولية، قد وقفت مواقف مشرقه تجاه الأردن في الكثير من حوالك الليالي التي عاشها الأردن، الذي هو من احرص العرب على ألامه وأمنها واستقرارها وتقدمها. وقد كان للكويت وما زال الأيادي البيضاء في مساعدة أشقائهم في الأردن، خاصة على المستوى الاقتصادي. وما إحصائيات صندوق التنمية الكويتي إلا البيان الأبلج في المدى الذي وصلت إليه مساعدات الكويت الاقتصادية للأردن وغيره من الأقطار العربية. حيث يمثل حجم الاستثمار الكويتي في الأردن المرتبة الأولى من حجم الاستثمار العربي والأجنبي ، فقد تعدى حجمه الستة مليارات دولار.
وإذا كانت الكويت ومنذ استقلالها عام 1962، قد خط شعبها دستوراً حضاريا ومتطوراً , وتبنت المنهج الديمقراطي في الحكم وفي طبيعة العلاقة بين الراعي والرعية. فإن الأردن، شانه شان الكويت، قد اخذ على عاتقه تبؤ مركز الصدارة في سلمية العلاقة بين الحاكم والمحكوم، و سبر غور السلوك الديمقراطي منذ تأسيسه عام 1921. كما يشترك القطران في تبنيهما للإصلاحات الديمقراطية والاقتصادية ، وسلمية انتقال السلطة ، وشفافية العلاقات البينية بين مواطنيهما . بالإضافة إلى كلا القطرين يتمتعان بعلاقات دولية واسعة ولهما مكانتهما عربياً وإقليميا ودوليا .
ومن المحزن والمؤسف له أن تأتي هذه الزيارة ، و مصر تعاني من حالة إستقطاب سياسي لم يشهدها تأريخها الحديث والذي لا يبشر بخير، وسوريا تعاني من تمزق داخلي بغيض وإحتراب دموي أتى على النفس والضرع والزرع، و العراق الجريح ما زال يأن تحت وطاه الاحتلال الصفوي ، ودماء أبنائه تسيل هدرا في سبيل اللاشيء ، ودولة كان لها حضورها الإقليمي والدولي أصبحت الان أعجاز نخل خاوية. والأخطر من ذلك هو وضوح الرؤية لأطماع إيران الاستعمارية والتوسعية، ليس في العراق فحسب بل في الأمة العربية جمعاء، خاصة في الخليج العربي.
وفي الحالة الفلسطينية، وبالرغم من إطلاق المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية في واشنطن، الثلاثاء الماضي وبرعاية أمريكية، إلا أن أمل الشعب الفلسطيني في الوصول إلى حقوقه المشروعة على أرضه وترابه ما زال بعيد المنال، كنتيجة لتشرذم النظام الرسمي العربي.
هذه الحالة تفرض على القائدين ، التعامل بيقظة الحالم وببصيرة الحكيم لإيجاد ارضية عربية مشتركة للتعامل مع هكذا ملفات شائكة ومتشابكه ، على أمل الخروج بأقل الخسائر من المأزق الذي تعيشه امتنا.
لن ينسى الشعب الأردني وقفة الكويت أميرا وحكومة وشعبا في لحظات عسرته وما قدموه من عون ومساعدة على أمل ، بان أخوة العقيدة والدم والدين في الكويت ، لن يألوا جهدا، وكما كانوا دائما ، في مد يد العون لأشقائهم في الأردن . بوركت الزيارة ، وبارك الله في الضيف والمضيف ، وحمى الله الأردن والكويت وعلى طريق الخير سدد الله خطا قيادتيهما.
almajali74@yahoo.com
الرأي