التيارات السياسية في إيران
ابراهيم غرايبه
02-08-2013 10:16 AM
من نحن
الجمعة 2 اب 2013م - 25 رمضان 1434 هـالتوقيت المحلي (GMT + 3) 07:13
صدر للباحثة الأردنية د. فاطمة الصمادي كتاب "التيارات الإسلامية في إيران". وهو مرجع شامل ومهم في التعرف على الحياة السياسية في إيران، وفهم وإعادة فهم الثورة الإسلامية فيها، والتي ما تزال، وبعد 34 سنة من قيامها، موضوعا للبحث والدراسة، وما تزال أيضا مليئة بالمفاجآت والدهشة.
تحاول الباحثة رسم خريطة تفصيلية للتيارات السياسية الإيرانية، وتنقض استخدام مصطلح "المحافظين" للدلالة على التيارالأصولي في إيران، وتعرض تاريخ الثورة الإيرانية والتشكلات السياسية التي أعقبتها، والصراعات التي وقعت بين أنصار الثورة من الإسلاميين والعلمانيين (الماركسيين والقوميين والليبراليين). وتلاحظ أن تلك المرحلة التي نشأت في السنة الأولى للثورة أنشأت واقعا ما يزال قائما ومؤثرا في الحياة السياسية الإيرانية.
ثم تقدم الباحثة، وبالتفصيل، للتيارات الأصولية في إيران؛ نشأتها ومبادئها ومواقفها تجاه عدد من القضايا؛ ومسائل من قبيل ولاية الفقيه ودور رجال الدين في الحياة السياسية؛ والعلاقة بالغرب وأميركا. كما تعرض أيضا للتيار الإصلاحي وأحزابه وحركاته، وكيف انتقل من اليسار التقليدي إلى اليسار الحداثي، ومواقف هذا التيار واتجاهاته من القضايا السابقة. ويعرض الكتاب أيضا للتيارات السياسية الأخرى، و"الحركة الخضراء".
تقول الصمادي إن محمود أحمدي نجاد يقود تيارا مستقلا عن الأصوليين، وهو على خلاف مع رجال الدين والأصوليين بشأن السياسية الاقتصادية، والعلاقة بالولايات المتحدة الأميركية.
إننا نلاحظ التحولات السياسية التي أعقبت الثورة الإيرانية. ولكن جرت أيضا تحولات اقتصادية عميقة، تلاحظها وترصدها الصمادي. وقد تبنى خط الاعتدال في الحزب الجمهوري الإسلامي الذي حكم إيران بعد الثورة، سياسة تضمن القبول بمسؤولية الدولة في جميع الميادين الاقتصادية، وبالحد من الملكية الخاصة، والحظر على الاستثمار الأجنبي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي. وعارض أنصار هذا الحزب نقل المراكز الاقتصادية المهمة إلى القطاع الخاص. وبدأ موسوي رئيس الحكومة في بدايات الثورة، محاولة تطبيق الحكومة الاجتماعية، والقضاء على الفقر، والدفاع عن القيم الثقافية للإسلام والثورة. ولكن الحرب مع العراق، والعقوبات الاقتصادية وغير ذلك من العوامل، خفضت كثيرا في عائدات البلد، ما أدى إلى الحد من قدرة الحكومة على تنفيذ برامجها في تحقيق التنمية الاقتصادية. ودار خلاف في مؤسسات الحكم والحزب الجمهوري بين أنصار التدخل الحكومي في الاقتصادي، وبين أنصار حرية السوق وتعزيز القطاع الخاص.
بدأت مرحلة من الإصلاح السياسي العام 1997، بمجيء محمد خاتمي إلى الرئاسة، مدشنا العقد الثالث من الثورة ليجعله عقد خطاب الإصلاح على أساس التنمية السياسية والمشاركة العامة والانفتاح في السياسة الخارجية والتوسع في المؤسسات الديمقراطية.
وفي مقابل التيار الإصلاحي، وبعكس ما يبدو وما كنت أظن، فإن المحافظين اليمينيين يعارضون رقابة وزارات التجارة والاقتصاد والمالية وسيطرتها على أنشطة التبادل التجاري، ويؤيدون الخصخصة وسياسة التحول الاقتصادي والاستفادة من الموارد الخارجية في الاقتصاد. في حين تتضمن مواقف الحزب الجمهوري الاقتصادية رؤية اقتصادية اجتماعية قريبة من الاشتراكية، وإن كانت مختلفة عنها.
وقد أجرى اليسار في سياق عقد الإصلاحات تحولا مهما في السياسة الاقتصادية؛ من الدفاع عن دور الدولة والتحذير من الخصخصة، إلى الدفاع عن اقتصاد السوق ومخالفة حصر الاقتصاد بيد الدولة.
يمثل تيار نجاد والحركة الخضراء سياقا مختلفا عن التشكل التقليدي الذي نشأ مع الثورة. وتضم الحركة الخضراء مزيجا من القوى السياسية والاجتماعية ظهرت بوضوح في العام 2009، احتجاجا على نتيجة الانتخابات الرئاسية التي منحت لنجاد فترة رئاسية ثانية.
لقد استطاعت إيران أن تبني اقتصادا قويا؛ إذ تشير البيانات الأساسية عن الاقتصاد الإيراني إلى صناعات قوية ومزدهرة في السجاد وصناعة السيارات والآلات الثقيلة والجرارات والتعدين والنسيج والصناعات الغذائية والبتروكيماويات. وهذا بالطبع عدا قطاع النفط والغاز والطاقة؛ حيث تعد إيران في مقدمة دول العالم في هذا المجال. وقد بلغ الناتج المحلي العام 2011 أكثر من 824 مليار دولار، وبالطبع هناك مشكلات اقتصادية وسياسية كثيرة.
ibrahim.gharaibeh@alghad.jo
الغد