مصر النموذج مره اخرى
أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
02-08-2013 02:55 AM
نائب عميد كلية الطب سابقا
ليس من نافلة القول ان مصر باحداثها دائما متقدمه على الدول العربيه الاخرى بخير و شر تلك الاحداث. فالبورصه و مشاكلها و شركات التوظيف الوهميه شهدتها مصر و عانت منها في الثمانينيات ايام الريان و غيره و ابتلعنا الطعم في الاردن بعد سنوات. ما يحدث الان في مصر سيؤثر على الدول العربيه بدرجات متفاوته و لكنه قد يتكرر ايظا في دول اخرى و الاردن ليست استثناء. فهم الدرس و الاعداد له مهم لتجنب العواقب الوخيمه التي قد تنتج عنه.
بادئ ذي بدء يجب ان نفهم ان ما يحدث في مصر ليس حرب بين الاسلام و الكفر حتى لو احب البعض توصيفه بذلك من اجل مكاسب قريبه نتائجها البعيده كارثيه. ما يحدث هو صراع سياسي و نتاج لذلك الصراع و يجب ان يبقى ضمن ذلك الاطار فالنصر بحله سياسيا بالحوار و الفشل بمحاولة حله بالاقتتال و تصويره على انه انتصار للاسلام و هزيمه للكفر او انتصار للتقدميه و هزيمه للرجعيه.
لفهم ما يحدث في مصر لا بد من فهم نقطتين اساسيتين هما الفرق بين الاسلام كدين و الاسلام السياسي كطرح و برنامج كما لا بد من فهم هل ما يحدث هو حرب الاخوان كتنظيم ام حرب الاسلام كدين. والنقطه الثانيه فهم الدوله العميقه التي تتشكل في كل دوله عبر السنين لتمثل تيارا كاملا من المؤسسات و المستفيدين و الوجهاء و الوطنيين و الانتهازيين و الشرفاء و الفاسدين الكل في بوتقه واحده.
اما النقطه الاولى فكلنا متفقين ان نقد الدين و الاساءه اليه مرفوضه اما اذا تحدثنا عن الاسلام السياسي فهذا طيف واسع يمر بالاخوان و الازهر و السلفيين و التكفريين و الوسطيين و ذلك وفق اجتهاد كل مجموعه و قناعاتها و ادوات تأثيرها و مصالحها و اهدافها و بالتالي فهو طرح و اجتهاد يجوز نقده و قبول جزء منه و رفض جزء و ليس له حق القداسه و الا انتهينا بتغييب العقل و عدنا لثقافة القطيع بصوره اخرى. انه اجتهاد في امور الحياة و الاداره و الاقتصاد يجوز فيه الاختلاف و التوافق و النقد و ليس لاي جماعه او تنظيم او حزب الاستئثار بالدين و تكفير او تخوين الاخرين.
اما الدوله العميقه فقد تشكلت مع تشكل الدوله القطريه و هي بالتأكيد لها اجتهادها فيما يخص مصالح الدوله العليا و قد يكون اجزاء منها انحرف عن مساره بحكم السلطه التي مارسها و ادخل المصالح العامه بالخاصه حتى اصبحت بعض المكاسب الفرديه او الفئويه او المناطقيه مكتسبات سيدافع عنها حتى لو لم يبق في البلد حجر على حجر و لنا في سوريه الحبيبه عبره.
حتى لا يبق الكلام نظريا فاذكر ان قوة الاخوان في مصر هي 25 بالمئه ممن وصلوا الصناديق و هي نتيجة د. مرسى في المرحله الاولى و بالتأكيد ان جزء منها تراجع مع ممارسة السلطه و هي حسب تقديري 15 بالمئه حاليا. ما اردت قوله ان الاخوان هم فصيل من مصر و ليس مصر كلها و اذكر هنا باتفاق فندق فيرمونت بعد جولة الرئاسه الاولى و الذي تعهد فيه الدكتور مرسي و الاخوان بمشاركة القوى السياسيه و شباب الثوره غير الاسلاميين ان هم دعموهم لتذهب هذه الوعود ادراج الرياح بعد النجاح الا من تعيينات ديكوريه لبعض المناصب العليا بدون صلاحيات. و هذا ما قلب الكثير من حلفاء الاخوان الى اعداء فمصر اكبر من الاخوان و اكبر من العلمانيين و اكبر من البرادعيين و اكبر من كل فصيل مهما كانت قوة تنظيمه فأي من هؤلاء هو جزء من الدوله و ليس الدوله.
ملخص القول ان الديمقراطيه هي صناديق و ممارسه و مشاركه كامله و حفظ عهود اما الاعتماد على نتيجة صندوق و ضرب الحائط بما بقي فهي انتحار سياسي. كما ان قلب نظام حكم بالسرعه التي حدثت في مصر ايظا مبالغه و كان الاجدى اعطاء مهل اطول و الاصرار على انتخابات مبكره او الاستفتاء على الرئيس المنتخب. و بالمقابل يخطئ من يعتقد ان بعد 30 يونيو هو نفسه قبله و برائي يجب ان يجلس الجميع لتسويه سياسيه فالتحريض على الجيش او على الاخوان او على الازهر او على النخب السياسيه هو نحر للبلد سيؤدي لمواجهه حتميه سيخسر فيها كل الاطراف و ستكون مصر الخاسر الاكبر. و على الاخوان في كل مكان القيام بمراجعه حقيقيه ففي النهايه هم تنظيم في اي دوله و ليس دوله داخل دوله.
الاوروبيين نجحوا في تأسيس ديمقراطيات بدون دساتير في بعض الدول و ذلك عندما اسسوا لسلطة القانون بدون تسلط او تعسف و للمساواه امام القانون بدون تمرد او استقواء و للعداله الاجتماعيه التي ضمنت رضا الجميع.
اما في الاردن فعلى الاخوان اعطاء رأي واضح بمفهوم الدوله القطريه و الهويه الاردنيه و رأي واضح بمفهوم الهويه الفلسطينيه و الدوله الفلسطينيه التي ستحول الحقوق من انسانيه الى سياسيه. كما عليهم توضيح هل هم فصيل اردني يخضع للقوانين الاردنيه ام انهم تنظيم لا يعترف بالدوله الاردنيه. لقد شهدنا كيف تشكلت الجبهه العربيه الاسلاميه في احد البرلمانات في الاردن لايصال احد افراد الجماعه لرئاسة مجلس النواب ليتخلوا بعد اسابيع عن حلفائهم و ما اشبه الماضي باليوم و ما اشبه اليوم بغدا و لقد رأينا كيف لفظت الجماعه في مصر شخصيات مهمه مثل ابو الفتوح و منتصر الزيات لأرائهم و ابقت على شخصيات ضعيفه لؤلائهم و تشددهم.
د. هيثم العقيلي المقابله
ناشط سياسي و اجتماعي/جرش