في حقوق الصرصار الانجليزي والانسان العربي!
د. وليد خالد ابو دلبوح
01-08-2013 03:33 AM
ثرثرة فوق التايمز: الصرصار من أغلى ما يملكون!
ثرثرة أمام باحة المكتبة انا وصديقنا الانجليزي ... ودخائن سيجارتي فاصل بيننا وشاهد على العصر... نتحادث في مسلسل نكد الرسالة وضنكها ومنغصاتها ... يهوّن علي وأهوّن عليه ... يأتيني بالحكم والامثال الانجليزية المهدئه للأعصاب ... وأعود اليه بمثيلاتها من حكمنا وأمثالنا ... وفجأه ... واذا بذاك الصرصار الرشيق النظيف "ابن الاكابر" ... يتسلل من بين قدميه وكأنه سمع أطراف حديث بؤسنا وقد ساءه حالنا وكأنه جاء هو الاخر ليهوّن علينا... ما ان خرج هذا الصرصار واذا بوجهي يتذمر ويتلون ... واسترجعت ذاكرتي وصور الحشرات تحت الأقدام ... وأخذتني "العصبية" تجاه الحشرات من جديد ... قطبت جبيني ونشنت بعيني تنشينة القناص المتمرس الماهر... وادعو ربي في نفسي ليتحرك 10 سنتم الى الامام لا أكثر ... وهو كما تعلمون... انه سميع مجيب سريع الجواب ... وما ان تحرك سئ الحظ ... واذا بالضربة القاضيه القاصمة ... وبكل ما أوتي قدمي من قوة مزقته شر تمزيق... اربا اربا... بنفس عميق اتبعتها .. وابتسامة طالت حد سماء حريتنا ... فرحة ما بعدها فرحة ... جاوزت فرحة حكومتنا بنكسة الديموقراطية في مصر بكثير!
عندها... وبعدما انفك جبيني وعاد طريقه وتمدد واستراح ... وعدت لأقبل السيجارة من جديد وأمجّها مجّة المنتصر الفاتح... جاء دور صاحبنا الانجليزي ليتذمر... ليقطب جبينه وليختلف لونه وهو يصيح ... "واااااي" ... "واااي"؟ لقد كان بريئا مسالما... كان في حاله ... هل ازعجك في شئ؟ هل اذاك في شئ؟ لماذا قتلته؟؟ لماذا قتلته؟؟!!!
وبما أنني بحمده تعالى ليس من أصحاب العند والعناد ... فكرت مليا وقلت في نفسي انه على حق... ما لي وما الصرصار...لقد كان فعلا مسالما وبحاله ... ولم يؤذيني ... أنبني ضميري تجاه تلك الفعلة الشرسه الارهابيه الشنيعه ... وادعو الله ان لا يأتيني في احلامي لا من قريب ولا من بعيد.... وأقول يكفيه انو بلمع ونظيف ورشيق وابن عز... صرصار "غير"... عدت اليه وقلت له انك في هذه المسألة على حق... والحق يقال!
كرامة الصرصار الانجليزي ... وكرامة الانسان العربي!
لكن ماذا عن كرامتنا وحقنا في العيش؟ ماذا عن فلسطين وحقها في استقلالها؟ هل كرامة الصرصار الانجليزي وحقه في العيش اهم بكثير من فلسطين؟ ليتني استرجعت ذاكرتي وتريثت في الاجابه وحاورت صاحبنا في هذا الشأن. هل يُعقل ان تدمع عينه على صرصار ولا تدمع على تشريد وطن وشعوب بأكملها؟ يمزق الشعب العربي اليوم شر تمزيق بأيدي وأمام أعين العالمين... لماذا لا نستحق حتى لو دمعة واحدة؟ صرصار بكفة جميع الشعوب العربية وكرامتها؟
لكن يجب أن لا نلومهم كثيرا, لاننا ليس بأحسن حال منهم, اين دمعتنا على دمشق والقاهرة وبغداد اليوم... والملاهي والرقص يروج لهم في كل مكان... وكل منا يخون الاخر... ولا حتى يتقبل راي الاخر بل ويحقد عليه شر حقد... ولا ننسى ايضا, أن السكين في الأصل هو سكيننا, والحقد منا وفينا, والمؤامرات صنعتنا, والفتن متجذر فينا, والفساد وبياع الاوطان ... أصبحوا "نيشان الأوطان لاولي العزم منا" !
الخاتمة: صاحبنا كان صادقا مع نفسه ... ولكن!
بالتأكيد ان صاحبنا كان صادقا معي ومع نفسه... احب بريطانيا حبا جما ليتسع حبه حتى قمامتها ... فاصبح تراب وطنه وصرصاره أهم من شي اخر خارج مملكته... زراعة الحب في الأوطان كانت بالتربيه منذ الصغر حتى ادمعت عينيهم على اقذر حشرة على وجه الارض ولكن من "ابناء جلدتهم"... الانتماء جاء لا بالرياء في "حب" الاوطان ونهبها وسرقتها. يؤسفنا أن نرى اليوم أن أكثر ناس فسادا ونهبا وهدما ... ".. " البلد... هم "أبطالها" ... هم التى تُسمع اصواتهم ... وهم من يلبى رجاؤهم ... وهم فقط من يسدون الينا بالخطاب تلو الاخر ... في الوطنية والانتماء والولاء... رحمك الله .. والسلام عليك يا وطني.
Dr_waleedd@yahoo.com