منذ يومين، وبأعلى معايير النزاهة والموضوعية والعراقة انتخب الشعب الكويتي الرائع مجلس نوابه، هذا المجلس الذي ليس على المستوى العربي فقط ، ولكن على مستوى الدولي كان على الدوام قضية جدلية نوقشت في معظم الصالونات السياسية العربية، فهو ليس من اعرق مجالس النواب العربية بل اكثرها تجذرا وفعالية وقدرة على التغيير.

ليس الحديث عن مجلس النواب الكويتي ومسيرة الديمقراطية الرائدة في الكويت عموما، بل كيفية استجابة العشيرة في الكويت ضمن منظومة الدولة لطموحات الشباب باسلوب حضاري يحافظ على هيبة العشيرة بصفتها مؤسسة اجتماعية تعتبر قائدة للرأي لمجموع ابنائها وبين مدنية الدولة ومتطلبات تطويرها.

الدكتور منصور الظفيري هو احد الشباب الطموح الذي يعتبر نجاحه نائبا في مجلس النواب الكويتي ترجمة لمدى انسجام واستجابة للدولة لمخرجات العشيرة، وكيف لهذا الانسجام ان يتبلور مخرجا للدولة يساهم ببناء الدولة ومدنيتها. ففي عام 2006 كان لقائي الاول مع الدكتور الظفيري وكانت طموحاته قد بدأت قبل عام من ذلك اللقاء بالوصول الى كرسي المجلس، وكان يحدثني كيف يتم اجماع العشيرة، وما هي معايير المتقدمين لها لتزكيهم ابناء فاعلين للدولة وخدمة اهلها ومؤسساتها تشريعا ورقابة، وكيف ان ما يتم تزكيته هو عنوان للعشيرة مؤسسيا ووجوب ان يكون المتقدم مقبولا اجتماعيا وصاحب كفاءة علمية وعملية وان العشيرة لا تقدم الا الخيرين من ابنائها لتفخر بهم في منظومة الدولة.

وبدأ المشوار مع الشاب الظفيري ليقوم بتعبئة سيرته الذاتية بما يعتقد انه قد يكون يوما اهلا ان يقدم نفسه لعشيرته، فكان مثالا للاخلاق الحميدة مساعدا للجميع محبا لفعل الخير بين اهله وعشيرتها فضلا على ما حباه الله من وجه انور وطلة طيبة، فهو الدكتور الذي اسس لنفسه اسما على المستوى المهني، وعلاقات اجتماعية ومهنية لامعه، فلا اظن احدا عرفه ولم يحترمه ويجله. وها هو الان نائبا في الكويت لجميع اهلها ومؤسساتها وعمومها. وهذا بالطبع يبين اي قصة نجاح اعني مابين اطرافها الثلاث وبتناغم :الشباب، والعشيرة، والدولة.

قرأت يوما عن رئيسة لوزراء احد الدول التي تتغنى بنظامها وديمقراطيتها، بانها قامت يوما بوضع يدها على كتف احد ضباط جيش بلدها لدى زيارة لها لوزارة الدفاع لتلك الدولة قائلة: اذا لم يصبح هذا الضابط قائدا للجيش فان ذلك يتطلب منا اعادة النظر بنظامنا، فلا بد من وجود خطأ فيه، وفعلا اصبح ذاك الضابط المميز قائدا للجيش و رئيسا للوزراء لتلك الدولة فيما بعد. وهذا ما عكس السيطرة العظيمة لتلك الدولة وفعالية نظامها دوليا.

نبارك للكويت بابنائها وبعشائرها عموما قصة نجاحها الدائمة في مسيرة الديمقراطية التي تعتبر بحق نقطة مضيئة عربيا ودوليا، ونبارك لقيادتها الفذة نجاح رؤيتها في بناء الدولة المدنية، ولصديقي العزيز سعادة الدكتور منصور الظفيري كل الامنيات ان يمده الله بالعون وزملاءه في مجلس النواب لخدمة اهل الديرة كما يحب الكويتين تسميتها، واتمنى ان احظى بزيارة لها في قادم الايام، فلسوء حظي لم احظى بهذا الشرف، ولكن الامل بالكويت ان تلبي ليس طموحات اهلها فحسب بل محبيها.

*رئيس مجلس ادارة جمعية اللاعنف العربية
etradalmajali@yahoo.com