السؤال الذي يكرره علينا كثيرون مئات المرات: كيف ترى المستقبل؟ هل أنت متفائل أم متشائم ، فإن أجبت أنك متشائم أمـّن السائل على كلامك واتفق معك ، وإن أجبت أنك متفائل طالبك بالبرهان مشككا بنواياك.
ليس مهمأً أن تكون متفائلاً أو متشائماً لأسباب نفسية تتعلق بالشخص المعني ، المهم أن يعتمد التفاؤل أو التشاؤم على قراءة صحيحة للواقع وتوجهات المستقبل ، بعيدأً عن الرغبات والتمنيات.
كثيرون متشائمون ، لأن المتشائم يبدو حكيمأً ، وأنه يعرف أكثر من غيره ، وأن لديه معلومات لا تتوفر للآخرين.
وكالة التصنيف الدولية (موديز) التي لا تدخل العواطف والمواقف في قراراتها ، لم تخف ِ التفاؤل النسبي ، فقد كان المشهد المستقبلي للاقتصاد الأردني في نظرها (سلبيا) في العام الماضي ، وتغير إلى (مستقر) في الوقت الحاضر ، لأن هناك عومل موضوعية للتفاؤل تجعل المستقبل أفضل من الحاضر.
حتى في أحلك الظروف الصعبة الداعية للتشـاؤم في السنتين الأخيرتين ، حقـق الاقتصاد الأردني نموأً إيجابياً في حدود 3% سنوياً بالأسعار الثابتة ، وهي نسبة جيدة ، ولكن التطلعات المستقبلية تستهدف وتتوقع ارتفاع هذه النسبة بعد أن توطد الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلد ، واتضحت الرؤية ، وتم تجاوز معظم الصعاب.
الوضع الاقتصادي للاردن يعتمد على عوامل عديدة أهمها : المنح الخارجية التي تناهز 5% من الناتج المحلي الإجمالي ، وحوالات المغتربين التي تعادل 10% من الناتج المحلي الإجمالي وقد استقرت لبعض الوقت ثم بدأت بالتصاعد مع تحسن مستوى الثقة العامة ، وتدفقات الاستثمارات العربية والأجنبية التي تضاعفت في النصف الأول من هذه السنة وهي تناهز 3% من الناتج المحلي الإجمالي ، ومقبوضات السياحة الواردة التي تناهز 10% من الناتج المحلي الإجمالي بعد أن أصبح القطاعان السياحي والطبي جاهزين لاستقبال أفواج السياحة العربية والأجنبية وخاصة العلاجية. تضاف إلى ذلك بطبيعة الحال حصيلة صادرات الفوسفات والبوتاس والملابس والخضار وغيرها التي تعادل 22% من الناتج المحلي الإجمالي.
كل هـذه العوامل تتجه للارتفاع والتحسن ، مما يعني المزيد من النمو الاقتصادي ، وخلق فرص العمل ، وتحسين مستوى الحياة ، يكفي أن الأردن أصبح جزيرة من الاستقرار والأمن في محيط من العواصف الهائجة والحرائق الدموية.
المتشائمون تنتظرهم مفاجأة سارة عندما يجدون قريباً أنهم مخطئون.
لهذه الأسباب نتفاءل ، وندعو للتفاؤل ، ونعمل له دون أن نتجاهل الصعوبات والتضحيات التي يفرضها الإصلاح الاقتصادي المطلوب.
الرأي