لماذا يصرّ العرب على إنتاج الكاميرا الخفية بنفس درجة إصرارهم على الوصول إلى كأس العالم لكرة القدم..؟!..برأيي المتواضع ان الاثنتين لا يمكن ان نفلح بهما، فهما إما أن تنتهيا بإحباط شديد أو «فضيحة» تحتاج الى سنوات طويلة حتى نتعافى منها..
***
كلما شاهدت شارة برنامج يدل على انه «كاميرا خفية»، ورجل يصفع آخر أو يلحقه ليركله برجله اليمين ، دعوت من كل قلبي على صاحب فكرة الكاميرا الخفية كائن من يكون..متمنياً أن تصّب كل هذه الترويعات وهذا الرعب وثقالة الدم في ميزان سيئاته الى يوم الدين..
نحن شعوب ،منهكة ، متعبة ،خائفة ، مطاردة ، هناك ألف كاميرا خفية تراقبنا في مأكلنا ومشربنا وتتبع خطواتنا ، وأعصابنا لا تسمح لأن يمارس أحدهم مراقبة فوق المراقبة –حتى على سبيل المزاح - او أن يحدث بنا مقلباً فوق «المقالب الــ اكس لارج التي أكلناها في حياتنا».. فالشعب العربي مغرق في المقالب والاحباطات ، حتى ان أكثر الشعوب سعادة في الوطن العربي وأكثرنا أمانا وديمقراطية ورفاهاً اقتصادياً قد أكل «6000» مقلب على الأقل في حياته...
أما المواطن الغربي فهو يعرف حقوقه وواجباته جيداً ، لا ترعبه كاميرا صغيرة تطل من «سيارة» متوارية ، ولا حتى من أباتشي أو F16،..وأي مقلب يتعرّض له أثناء حياته اليومية ، لا يصنّفه سوى تحت بند سوء الطالع، يقابله بابتسامه و هزّة رأس بسيطة ثم يمضي..لذلك تجد ان الكاميرا الخفية هناك..كاميرا خفية وخفيفة وتعكس نفسية الإنسان الصحية!!...
اما عندنا فعلى العكس تماماً.. تعكس الأمراض والعقد والترهيب الذي يعيشه الإنسان في بلادنا..جرّبوها بأنفسكم..بدون كاميرا خفية..إذا ما شاهدت مواطناً عربياً يمشي في الشارع فقط قل له «لو سمحت يا اخ» بصوت مرتفع!! حتماً ستكتشف أن وجهه اصفرّ فجأة ولونه انخطف ونفسه تقطّع وهو يقول لك «تفضّل»..حاول ان تسأله عن عنوان او عن شارع..تجده أخذ نفساً طويلاً أراح به صدره قبل ان ينطق بالإجابة..ترى ما سبب هذا الخوف والرعب.؟! ببساطة لأن لديه شعور منذ الولادة أنه مراقب من قبل جهاز ما ، في مكان ما ، وسيلقى القبض عليه في زمان ما..
لاحظوا حجم التبرير والمسكنة الذي يقوم به الإنسان العربي أمام الكاميرا الخفية..لاحظوا كم وسيلة يستخدم ليدافع عن نفسه وعن ردة فعله ليخلص من الورطة بسلام...وما ان يقول له في ختام المشهد «معاك الكاميرا الخفية» حتى يركض وراء صانع المقلب ليركله و يضربه ويعضّه ثم يعود و يبوسه!!..
حتى مشاعرنا مضطربة...ضرب وعضّ و بوس!!
سبحان الله
ahmedalzoubi@hotmail.com
الرأي