الملك في القاهرة: المصالح المشتركة والتواشج القومي
ممدوح ابودلهوم
30-07-2013 02:33 AM
يخترقنا حزنا حتى العظم ويشقينا ألما حتى النخاع هذا الذي يجري في أرض الكنانة: مصر المرحوسة، والذي بدا ماثلا للعيان جميعا للقاصي قبل الداني وللمتشائل قبل المتفائل أن المتأسلمين هناك وهنا أيضاً لا يريدونها محروسة ولا ما يسطرون، فهذا الذي أصر الحمقى من أشباه الساسة والمفكرين وأنصاف الإعلاميين والمثقفين، وأعني بلا أي تردد أولئك الذين خطفوا بنهار لا بليل بردة الحل والعقد في الشارع المصري على تسميته بالربيع العربي..
ثم أني لست هنا بمعرض التأريخ لهذه التمسية الحولاء ومترجمها العربي الأحول، الذي ترجمها لا بتصريف ولا بتصرف كما يجب عن مطلقها الغربي من وراء بحر الظلمات (!) إذ جهرنا قبل عامين مع نخبة من القابضين على جمر المسألة وبعالي الصوت، بأن ما ترجموه عن الإنجليزية بأنه (ربيع: spring) هو في الواقع الصريح نقيض ذلك تماما وهو ما ترجمته العربية (الزنبرك: spring)، وحين قلنا ذلك وبأنه بلغة بسطاء الأردنيين (خازوق مبشم) مصحوبا بسيناريوهات إعادة رسم خرائط لدول المنطقة، ما ينتج بالتالي عدة دويلات في البلد الواحد- سيناريو بريمر لتفتيت العراق مثالا، وقفوا في وجوهنا رافضين غاضبين وصارخين بأن (اطلعوا من الزرع)!
لقد أحسن جلالة الملك صنعا، كما هو شأنه وديدنه الدائمين في آفاق الدور القومي والواجب الإنساني إن لثما للجرح أو رأبا للصدع، لتهيئة الأجواء وتذليل العقبات ليصار إلى اختطاف سويعات محسوبة من وقته الثمين كي يحط بطائره الميمون على مرسى ميناء القاهرة الجوي، كي يلتقي الرئيس المصري المؤقت المستشار عدلي منصور والذوات أركان القيادة المصرية الجدد في رئاسة الجمهورية وفي رئاسة الوزراء أيضاً..
أما أهداف الزيارة فأسمى بكثير من الأطر المغلقة والآفاق الضيقة التي يفح منها تنظير العمائيين بين رفض وتشكيك لهذه الزيارة الأخوية المباركة، فناهيك بتأكيد الدور الأردني الهاشمي في البعد العروبي القومي، وكذا ترسيخ ما بين الأردن ومصر من الوشائج الأخوية الضاربة الجذور في أعماق تاريخ هذه الصلات بين القطرين الشقيقين..
فالزيارة الملكية الميمونة إلى ذلك كله تأتي لتعزيز الحضور الأردني في شخص جلالة الملك حفظه الله ورعاه، والشد على أيدي أبناء مصر الغيارى من القادة الجدد في رئاستيي الجمهورية والحكومة وقيادة القوات المسلحة ومن معهم في الإنقلاب الأبيض، من حيث أنهم يأخذون على عاتقهم ما من شأنه أن يعيد التوازن إلى ما يسمى في الأدبيات السياسية بعقل الدولة في القطر الشقيق في أقانيم الحكم كافة، ليصار في نهاية المخاض الإصلاحي المرتجى إلى تقزيم الشروخ وتعظيم الجوامع، وذلك برص صفوف جميع المصريين نحو تحقيق الهدف العريض أو الغاية الأسمى وأعني أن مصر الجديدة هي دولة مدنية لجميع المصريين، تعود لمكانها الطبيعي السابق تتصدر الرسم الكريم الشامخ من حيث هي الشقيقة الكبرى والنقش الأكبر على سجادة الوطن العربي بل والشرق الأوسط أيضاً..