يتناقل عدد من المسؤولين العاملين والمتقاعدين، معلومات تفيد بإمكانية حصول المملكة على منح مالية سخية من دول خليجية.
حديث المسؤولين يحمل تقديرات متفاوتة لحجم المنح الجديدة؛ ففيما يقدرها البعض بحوالي مليار دولار، يقفز آخرون إلى الحديث عن ملياري دولار، ستقدم بشكل عاجل.
مبررات تقديم هذه المنح تأتي ضمن مبادرة إقليمية تسعى إلى إكمال خطط دول الخليج لدعم الأردن والحفاظ على استقراره النقدي والمالي، وبالتالي أمنه الشامل، على اعتبار أن الأمن الاقتصادي ركيزة أساسية في منظومة الأمن.
الحديث والأنباء ما يزالان في إطار نظري. وثمة مسؤول مهم في البنك المركزي يؤكد أن لا علم لديه بهذه الأخبار، رغم أن من يطلقونها من المسؤولين يؤكدون اقتراب وصولها، بهدف دعم الأردن ومساعدته على تجاوز المرحلة الصعبة، بحيث لا يترك وحده.
من ناحية أخرى، تؤكد مصادر أن ثمة جهودا تُبذل لإقناع الدوحة بالوفاء بتعهداتها تجاه المملكة، ولاسيما تلك المتعلقة بصندوق الدعم الخليجي.
وتشير المعلومات إلى أن أصدقاء مشتركين بين الأردن وقطر يسعون لحصول المملكة على مبلغ 1.25 مليار دولار كانت الدوحة تعهدت بتقديمها للمملكة ضمن مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي، التي خصصت مبلغ 5 مليارات دولار للمملكة على مدى خمس سنوات.
في حال جاءت المنح وصدقت النبوءة، يلزم طرح سؤال مهم حول خطط الحكومة لإنفاق هذه الأموال؛ إذ ما تزال تشوهات كثيرة تلف أشكال الإنفاق الحكومي، فلم تتعلم الحكومات الدرس بضرورة توجيه المنح بشكل صحيح يدعم خطط الاعتماد على الذات مستقبلا؛ فالمنح لن تستمر بالتدفق إلى ما لا نهاية.
خلال الفترة 2000-2011، بلغ إجمالي المنح التي حصلت عليها المملكة حوالي 6.3 مليار دينار، فيما يتوقع أن يفوق بكثير إجمالي المنح التي سيحصل عليها الأردن خلال الفترة 2012-2016 مقارنة بحجم المنح التي حصلت عليها الخزينة في الفترة السابقة، مع الأخذ بعين الاعتبار المنح الاعتيادية والاستثنائية العربية، والمنح الإضافية المقدمة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
حجم المنح لن يبقى ضمن هذه الوتيرة؛ فكل ما حصل عليه الأردن، وما سيصل مستقبلا، إنما جاء في ظل الربيع العربي. وفي حال عاد الهدوء للإقليم، واستقرت الحال، فمن غير المتوقع أن يستمر تدفق المنح ضمن هذا المستوى.
في الظروف الاستثنائية، كانت المملكة تحصل دائما على منح إضافية، لكنها للأسف لم تستثمر بشكل صحيح، ومثال ذلك الفترة 2003-2004، حين تضاعف حجم المنح بعد الحرب على العراق وسقوط بغداد.
استثمار الفرصة ضرورة؛ فمن خلال المنح تستطيع الحكومة الاستجابة لطموحات الناس الذين أتعبهم الفقر والبطالة وقلة الفرص. وتوجيه المنح إلى القطاعات الصحيحة، كفيل بتقليل الصداع الذي يصيب الحكومات نتيجة عجزها عن الوفاء بتعهداتها تجاه المجتمعات.
ما يجري حتى الآن من توجيه للموارد وإنفاق للمخصصات، يقدم إشارات إلى أن احتمالية الخروج بلا نتيجة أمر وارد. والنجاح يكون في أن تساعد كل هذه المنح، بعد سنوات، في بناء قاعدة متينة لاقتصاد قادر على التوقف عن "التسول" والاعتماد على الغير. المنح ليست إلا جزءا من إيرادات الخزينة. ورغم أن الاعتماد عليها كبير، لكنها ليست منطلقا للإصلاح المالي المنشود. الخطط الصحيحة للاقتصاد مستقبلا، يجب أن ترتكز على معطيات محلية، أهمها وضع قانون للضريبة يضمن زيادة الإيرادات المحلية من خلال معالجة فاعلة للتهرب الضريبي.
jumana.ghunaimat@alghad.jo
الغد