لقاء الجمعة الدموي, السيسي مقابل الشعب المصري
عادل حواتمة
28-07-2013 05:38 AM
"لكي تكون قائداً عسكرياً فذاً، اقرأ التاريخ، اقرأه بموضوعية، كي تعرف كيف كان القادة يتصرفون ويسيطرون على الفعل ورد الفعل، لأن الأسلحة تتغير ولكن الرجال الذين يستخدمون هذه الأسلحة لا يتغيرون، التكتيكات تتغير ولكن أساليب القيادة لم تتغير" الجنرال جورج باتن.
لم أرتح منذ البداية لإستبدال السيسي بالطنطاوي؛ فالأخير عبّر عن وطنيته الكاملة وإنحيازه التام لعموم الشعب المصري الثائر آنذاك، فكان من الواجب أن يتم تكريمه على موقفه المتزن والذي تفتقده مصر في ظل الإدارة "السيسية" الحالية، والتي تنزلق من وحل إلى آخر أشد تعقيداً كان آخرها مذبحة النصب التذكاري بحق معتصمي رابعة العدوية السلميين، والتي راح ضحيتها أكثر من 120 قتيل والآف الجرحى حتى الآن .
في التفويض ومن يفوض من ؟ والتفويض ضد من ؟ ومدى وجاهة مبررالتفويض ؟ لا تكون الشرعية الشعبية ولا التفويض الشعبي بهذة الطريقة على الإطلاق. مصر بدأت تتحلل من رباطها الأخلاقي والإنساني والقومي والوطني، وعبثاً الحديث عن محاربة العنف والإرهاب، كمبرر لقتل المصريين الوطنيين، فالإرهاب ليس مكانه رابعة العدوية بل سيناء التي لا تستطيع دخولها الآليات العسكرية الإ بعد الحصول على الإذن من إسرائيل.
حفنة من المغامرين ثلثيهم من الأمن بلباس مدني نعم حفنة ؛ مقابل عدد كل المصرين، تخرج للنفاق والتكسب، تمنح التفويض والإنابة لمتهور لقتل المئات من المعتصمين السلميين بدم بارد دون الأخذ بالحسبان رابط الدم والتراب والمصير، فالتفويض ضد الإرهاب ! ولكن من يمارس الإرهاب ؟ أليس الجيش وقوات الأمن وبلطجيتهم من يقوموا بهذه المهمة على أكمل وجه وبصور موثقة بشكل مباشر وغير مباشر!
الحقبة "السيسية" للأسف زادت الإنقسام في مصر وعمقته، فاليوم ترى الممارسات "المباركية" قبيل سقوط نظامه القتل والإلغاء، ولكن تلك في عهد مبارك انتفض الجيش المصري الطنطاوي وأوقفها، واليوم هي ذات الممارسات لكن الفارق أن أحد أطرافها جماعة الأخوان المسلمون والعديد من المصريين المؤيدين للرئيس مرسي، وبالتالي مباح قتلهم وإيذائهم، في عهد الجيش المصري السيسي، بدعوى التفويض !!.
في أقل من عام تمت ترقية السيسي من رتبة لواء إلى رتبة فريق أول، وأصبح وزيراً للدفاع والإنتاج الحربي وقائداً عاماً للقوات المسلحة، ثم نائباً لرئيس الوزراء كلها جملة واحدة. يقال أن " ما تأتي به الرياح تأخذه الزوابع" في الإشارة الى عدم ديمومة المكتسبات السريعة والمتسرعة دون جهد يذكر، هذا صحيح فقد بدأت علامات السقوط بالتجلي والبزوغ أولاً بأول. فالمتتبع لشخصية وسلوكيات هذا الرجل ذو الــ58 خريفاً ، من خلال بياناته، و لقاءاته، و خطبه، و إرتدائه لنظارته الــ " Persol " السوداء يخرج بمجموعة إنطباعات أهمها:-
أولاً، يعاني ضعف واضح بالفهم السياسي، وركاكة في الخطاب لغةً ومعنى؛ غير قادرعلى الإقناع، وأعلم كونه عسكرياً، الإ أن هنالك الكثير من النماذج العسكرية التي تُحسن فن السياسة ، خطاباً وإدارةً .
ثانياً، يملك مخزون غرور وتعالي كبيرين، ويتأثر بالتمجيد ومحب للأضواء والشهرة، ويحب أن يرى الواقع بطريقة مختلفة تبعاً كما تنقله نظارته السوداء.
ثالثاً، ربما لمشاركته في حرب الخليج الثانية، وعمله كملحق دفاع بالمملكة العربية السعودية دوراً في رفضه لقطاع واسع من الشعب المصري من الأخوان والمتعاطفين معهم .
رابعاً، احادي النظرة تجاه الشعب المصري، فهو لا يرى سوى المحتشدين في التحرير، لا لمرض ألم به ولكن لإنحياز واضح وعدم وطنية، وفقدانه لصفات القيادة الحقيقية.
خامساً، دائماً ما يتقمص دور الزعيم، سواءً في لهجة خطاباته أو مناشيره والتي لم تخل من التهديد والوعيد، فدعوته المشؤومة للتفويض أتت بحماقة خالصة منه، لم يستشر رئيسه المفترض على الأقل. ويأتي توزيع 50000 صورة له في جمعة التفويض في إطار عشقه للسلطة والعظمة، وأرى في نهايته مشهد زعيمه السابق أنور السادات.
adel.hawatmeh@gju.edu.jo