الإشاعة عندما تقتل * د.زياد الرواضية
28-07-2013 02:19 AM
خلال الأيام القليلة الماضية قام أحد المواقع الإلكترونية المغمورة بنشر إشاعة تحويل أحد نواب رئيس الجامعة الأردنية إلى القضاء، الأمر بدأ بخبر صغير على موقعه لكن سرعان ما تناقلته مواقع إلكترونية شبيهة وقامت ببثه والإضافة إليه سعيا لجذب القراء إلى صفحات مواقعهم الفارغة.
والحقيقة أن ما أدهشني أنني وبصفتي مسؤولا عن ملف الإعلام والعلاقات العامة في الجامعة أنني لم أتلق أي إتصال من أي موقع من هذه المواقع للإستفسار عن صحة الواقعة من عدمها، ولم يحاول أي منها البحث عن الحقيقة كركيزة أساسية للعمل الإعلامي الشريف الذي يحرص على نشر الوقائع الصحيحة وتجنب الكاذب والمغرض منها، وهو أمر يضع الجانب الأخلاقي في العمل الإعلامي الأردني على المحك، ويدعونا إلى وقفة تأمل أو بالأحرى تعجب مما حدث ويحدث كل صباح في إعلامنا الأردني خصوصا الألكتروني منه.
أتساءل ما ذنب نائب الرئيس موضع الشائعة في أن يتم تداول اسمه وسمعته بهذا الشكل البذيء لمجرد وجود نزوة أو غرض دنيء لصاحب الخبر وناشره كدافع ومدفوع له، إليس من حق الناس أن تصان كرامتهم وأن تحفظ مكانتهم من التشويه المقصود دون حق.
أحد أصحاب هذه المواقع عندما أتصلت به أستوضح عن سبب نشره للخبر الكاذب هذا، أبلغني بإنه قد التبس عليه الأمر، وأنه كان يقصد موضوعا آخر كانت الجامعة وبكل شفافية قد أعلنت عنه وهو تحويل أكاديمية من مركز اللغات للقضاء بشبهة التزوير، وأخذ بالإعتذار عما بدر منه لكن إعتذاره للأسف جاء متأخرا جدا خصوصا بعد ماتسبب هو وموقعه الألكتروني في تعريض الأخرين للأساءة والضرر وجعل أسمائهم الشريفة مضغة سهلة لضعاف النفوس وهواة القيل والقال.
لعل الذنب الوحيد الذي ارتكبه نائب الرئيس المعني بالخبر هو تحويله للأستاذة الجامعية للقضاء، فانبرت قوى ترغب في الأنتقام من صنيعه من خلال بث الإشاعة حوله والبناء عليها لتحويل الأنظار عن صواب ما قامت به الرئاسة من الحزم والثبات في التعامل مع القضايا والشبهات الجرمية وإحالتها للقضاء للفصل فيها، وهو أمر يعكس في مجمله حرص الجامعة على عدم التسامح مع الأخطاء أيا كان مرتكبها أو المحرض عليها وهو بلا شك ديدن الصالحين ومنهج عملهم.
إنني أتساءل عن دور القانون في ضبط الشائعات ومحاسبة العاملين عليها وعن ماهية الضوابط التي تحكم عمل الإعلاميين في الأردن عند نشرهم للأخبار، وعن حقيقة المواثيق الصحفية التي تتحدث عن المصداقية في الخبر قبل بثه، وعن الأخلاق الأنسانية التي تؤطر كتابات أولئك الذين ما أنفكوا يجرحون في الناس دون أن تكون للقيم والفضائل البشرية أية موضع في أقلامهم التي في باطنها سموم وفي ظاهرها شر محتوم وفي حبرها ظلم وقذف وتشهير وهدر لدماء عباد الله حتى في شهر الصوم الذي جعله الله شهرا لإجابة السائل والمحروم.
إن الدولة الأردنية مسؤولة عن كرامتنا في مواجهة من يبث أخبارا تقتل أشخاصنا وتجعلنا نشيح بأبصارنا عن المارين بنا في الطرقات ليس لذنب إقترفناه سوى أن سمعتنا غدت مضغة سهلة تلوكها الأفواه الفارغة والأقلام البائسة التي سينقلب أصحابها عند الله أسوأ منقلب. وهنا على الدولة أن لا تقف مكتوفة الأيدي أمام هؤلاء وما يكتبون، إذ لا بد من وضع التشريعات التي تكفل للأنسان حقه في الدفاع عن اسمه في مواجهة المتربصين حيثما وجدوا، والضرب بيد من حديد هنا لا يتعارض أبدا مع الحريات الصحفية التي كفلها للدستور والتي لا نقبل بأي شكل من الأشكال أن تمس أو تخفض سقوفها، لكنني أتحدث عن فئة قليلة ممن جعلوا من هذا الفضاء الألكتروني منبرا للتشهير بالأبرياء والنيل من حقهم في العيش على هذه البسيطة بسلام حتى يرث الله ومن عليها.
الدكتور زياد عيد الرواضية
مدير وحدة الاعلام في الجامعة الأردنية