كفى بالربيع العربي واعظاً !
هند خليفات
26-07-2013 04:08 AM
مسار علم الخلية «سايتولوجي» يؤكد أن الانقسام الخلوي لأي خلية طبيعي قد يحدث له طفرات جينية، فبدل أن تنقسم تماما تبقى الخلية ملتصقة الجدار بالخلية الوليدة فلا تلك تتطور وتكبر طبيعيا ولا الأخرى الأم تقدر على إتمام وظائفها الحيوية كما كانت قبل الانقسام ...
وأظن أن ما حدث في الربيع العربي بعد أكثر من عامين على نشوئه ، لم يكن إلا نوعا من الانقسام الخلوي للشعوب والمصائر، لكن الخطوة الأخيرة هي الفاصلة عادة وهي التي تحدد هل المولود طبيعي أو مسخ!!
مصر التي ثورتها أكلت أبناءها، وما أن حبا وليد ثورتها - على فرض أن جماعة الأخوان وليد طبيعي لثورة يناير- إلا وابتلعت هذا المولود، وما أكثر الندّابات في الطرق، والرأي العام العربي وإن كان يميل تاريخيا نحو تهميش الإخوان مازال مصدوما من سرعة تتالي الثورة الأخرى ..فكأن الثورة الأولى حملت في نَفَاسها وفاجأت الشعب نفسه بقدرتها على الإنجاب بهذه السرعة!
سوريا الجرح النازف والدم المراق وصور الجياع في أرض القمح والبرتقال، ما زالت دول العالم لا تستطيع تكوين رأي سياسي موحد حولها، لأن الأطراف المتنازعة مازالت مخترقة وقاب انقسامين وأدنى وجبهة النصرة وحدها تشتت أكبر موقف سياسي عالمي، وصور الأطفال الجياع التي تذكرنا فقط بهياكل الصومال البشرية فتربك أكبر قوة قد تنوي التدخل لحسم المسألة التي يبدو أن وقودها فقط من دم السوريين الأحرار,,
ليبيا...من منكم يذكر ليبيا؟ ، فلا أخبار تنموية ترد لهفة المواطن الليبي أولا والعربي على ان ليبيا نحو الطريق الصحيح في الاستفادة من عملية تطليقها من حاكم مستبد، أسر فكرها الشاب وحبسها وفق شريعته التي مازالت مصدر للتندر...؛ أما تونس التي كنا نعتقد انها الأنضج في تاريخ الثورات العربية فها هي «تتحمض» من جديد على ثورة أخرى وكأن حمّى «حمل» الثورات المبكر بدأ ينتشر بين دول «الرجيع» العربي، التي بشهادة ناسها لا محلليها تراجعت للخلف بضع مسيرات !، أما اليمن فيمكن تلخيص الارتباك والارتباك والارتباك في موقفه..
محزن جدا أن لا يكون الربيع فعلا ربيعا، وألا يكون موسم جنى حقيقيا وأقرب لموسم سراب، فلو افترضنا أن ما حدث كان حالة مرضية أصابت المنطقة، فلا ننسى ماليزيا نمرة أسيا التي انقضت على موضع ضعفها وترهل بعض عضلات جسدها الاقتصادي وحولتها لأرشق الاقتصادات العالمية، وعودة للخلف نحو مرارة استقلال جزيرة تايوان عن الصين التي دفعت فيها تايوان الدم بغزارة، لكنها سددت كل هذا بعدها فورا بوثبة أسد صناعي واستحقت لقب أسد آسيا بجدارة.
أما «ويل قلبي» على أمتنا العربية التي على ما يبدو أن الحرية التي «شافتها على عطش» وبعد تجارب تلقيح عديدة باءت بالفشل عقودا طوالا؛ يبدو ان المولودة لديها مشاكل وظيفية حرجة، أو الاحتمال الثاني أن الثورات أيضا تأكل صغارها، والاحتمال الأخير أننا شعوب غير جاهزة للحرية بعد,,شعوب أدمنت «الحرابة» الفكرية ماذا ستفعل أصلا بالحرية، وهي مازالت تعتقد أن الحرية تبدأ من الشتم والتكفير؟! شعوب نصف «الحراك» فيها يتطابق مع العراك؟؟!
...وكل ما سبق يبقى محض تحاليل طبية سياسية والتشخيص الأكيد بيد الله وحده ثم الوقت!!
الرأي