عقبات رسميه تواجه الاستثمارات الخارجيه في كوريا الشماليه
25-07-2013 08:01 AM
محمد مناورالعبادي*
تلجأ الانظمة الديكتاتوريه الى القوة العسكريه والامنية كسبيل وحيد لتثبيت دعائم نظامها حكمها، ولو كان ذلك على حساب احتياجات شعوبها، التي تدفع ثمن مغامرات قادتها الديكتاتورين من قوت اطفالها ومستقبل اجيالها .
ويتوهم قادة هذه الانظمة ، ان القوة العسكريه ستتغلب على الديمقراطيه ، وحق الشعوب ، في حياة حرة كريمه . الا ان اوهامهم تتحطم دائما على صخرة الشعوب ، التي لايمكن ان يقاومها ديكتاتور ، مهما بلغ بطشه . والتاريخ الحديث والقديم شاهد على ذلك.
ولأن كل فعل له رد فعل معاكس - حسب قوانيين الطبيعة - ، فان ممارسات الانظمه الديكتاتوريه ، في حرمان شعوبها من الحريه والحياه الكريمه ،يتم مواجهتها محليا واقليميا ودوليا ،في تحالف محلي عالمي قديكون معلنا او عفويا ، يستهدف معاقبة القادة الديكتاتوريين لاسقاطهم على يد شعوبهم، التي دفعت الثمن غاليا جراء ممارساتهم.
واحد وسائل العقاب هذه ، الاستثمارات التي تتوقف عن التدفق لأنظمة حكم ديكتاتورية ، في حين تتدفق بسرعة ، وبوتيرة عالية، وبارقام ضخمة ، على الدول الحرة . لآن الحرية تفتح ابواب التقدم ، والديكتاتورية تفتح ابواب جهنم .
من هنا كان الشعب في كوريا الشماليه ، اول من عاقب نظام الحكم الديكتاتوري فيها ، حين نقل المقتدرون اموالهم عشية انتهاء الحرب الكوريه ، الى الجنوب، حيث نظام حكم ديمقراطي حر، لايرى في القوة العسكريه ضمانة للحكم ، بل يرى ان القوة الحقيقية ،التي لايمكن قهرها وتجاوزها، تكمن في عقول الكوريين وقدراتهم، وحريتهم .
وتبعا لذلك ،تدفقت الاستثمارات العالميه على كوريا الجنوبية ، التي اصبحت مستقرا للمليارات من الاستثمارات الخارجيه ، التي ساهمت في بناء دولة حره حديثة ، تؤمن بحق الانسان في الحرية والحياة الرغدة ، وفي استخدام التكنولوجيا المعاصره لخدمة البشريه ايجابيا ، بدلا من السعي لقتلها باسلحة الدمار الشامل كما تفعل جارتها الشماليه .
فقد استقطب كوريا الجنوبية مثلا خلال النصف الأول من هذا العام وحده 8 مليارات دولار من الاستثمارات الخارجيه ، مقابل 79 مليون دولار فقط استقطبتها كوريا الشماليه طيلة العام الماضي . .
ويعود عزوف المستثمرين المحليين والاجانب عن الاستثمار في كوريا الشماليه ، الى جملة من العقبات الاقتصاديه والسياسيه والادارية ،التي يرى الخبراء انها تكمن في هيكيلة نظام الحكم نفسه ، وسياساته المدمرة ، واليات تنفيذ هذه السياسات ونتائجها الكارثيه . ويمكن تلخيصهابما يلي:
1.افتقار البلاد الى انظمة وقوانيين تحمي وتشجع الشركات ا لاجنبية:
رغم وجود قوانيين خاصه بالاستثمارات الخارجيه الا انها غير مطبقه تماما . اذ ان المزاجية والمصالح الشخصيه لبعض العاملين الكوريين الشماليين المرتبطين بالحزب اصبحت بديلا للانظمة والقوانيين رغم سلبياتها الكثيره .
2.واقع الاقتصاد الكوري الشمالي :
تعاني كوريا الشماليه من تدهور اقتصادي مزمن نتيجة سياسات النظام ،مما جعله في حالة يرثى لها منذ فترة طويله ، وهو امر يؤثر سلبيا ،على الاستثمارات الخارجيه حتى بعد استيطانها في البلاد . فالطاقه الكهربائيه والمحروقات الاخرى اللازمة للصناعه شحيحة للغايه،واحيانا غير متوفرة، والطرق اللازمه لنقل انتاج الصناعات وتسويقها داخل البلاد وايصالها الى الموانيء البحريه متخلفة ورديئة، والتسهيلات ،التي تقول الحكومه انها متوفرة هي في الواقع متخلفه ، والسوق الكوري الشمالي غير جاذب للاستثمارات لضعف القدره الشرائيه للمواطنيين بسبب الفقر وسياسات الدولة ، والرشوه متفشيه على نظاق واسع بين المسؤوليين الكوريين الشماليين ذو العلاقة بالاستثمارات الاجنبية ،وتتفاوت هذه الرشاوي بين مبالغ ماليه ومواد عينيه ( اجهزة كهربائيه وطعام وسجاير ..الخ )،
كما ان الحكومة الكورية الشماليه تشترط على المستثمرين تحمل تكلفة انشاء طرق
جديده لمصانعهم .
3- افتقار كوريا الشماليه الى عقليةاقتصاديات السوق :
يخضع المستثمرون الاجانب في كوريا الشماليه الى سياسات وقوانيين غير متناسقه
بل ومتناقضة ، والادارة البيروقراطيه تساهم في تقديم تقارير خاطئه ومغلوطه
حول عمل الشركات الاجنبيه ونشاطاتها ، مما يخلق المزيد من الاشكالات
للشركات الاجنبيه ، يجعل الاستثمار غير مربح . كما ان اقتصاد السوق ذاته غير
مفهوم للموظف الرسمي الكوري الشمالي ،مما يجعله يعرقل عمل هذه الاستثمارات
الخارجيه والشركات الاجنبية العامله في البلاد ويحملها نفقات اضافيه .
4- تدني المصداقية وفقدان الثقة وتدخل الحزب الحاكم :
تواجه الشركات الاجنبيه العامله في كوريا الشماليه اشكاليات في العمل بسبب اضطرارها للاستعانه بقوى عامله كورية شماليه ،لاتنفذ تعليمات المستثمرين ، بل تتطاول علي هذه التعليمات وتتجاوزها ، وتمارس عمليات تخريبيه في اعمالها، معتمدة على دعم متنفذين في حزب العمل الكوري الشمالي ، يحمون فساد هؤلاء العاملين وسرقاتهم، ويهددون بعرقلة اعمال الشركة الاجنبية المعنيه ،اذا اتخذت اي اجراء لمعاقبة الكوريين الشماليين الفاسدين فيها . .
ومما يؤكد ذلك قيام مجموعة استثماريه اجنبيه باجراء اختبار واقعي لاربع شركات زراعيه لها تعمل في كوريا الشماليه . فوفرت مستلزمات الانتاج الزراعي والمبيدات الحشريه للفلاحين العاملين فيها - اثنتان يديرها صينيون واثنتان يديرهما كوريون شماليون - وقامت المجموعة بتدريب العاملين على كيفية استخدامها .
وكانت النتيجة تؤكد عدم مصداقية الكوري الشمالي في التعامل مع الشركات الاجنبية اعتمادا على متنفذين في الحزب والدولة ؟.
فقد استخدم الصينيون - وهم ليس لهم علاقه بالحزب او متنفذين في الحكم - مستلزمات الانتاج كما تعلموها تماما ولم يختلسوا شيئا منها ،وحققت المزرعتان انتاجا عاليا. في حين تبين بعد الفحص والتدقيق ان المزارعين الكورييين الشماليين لم تكن لهم مصداقية ابدا، اذ تم سرقة بعض مستلزمات الانتاج وبيعها، مما انعكس سلبيا على الانتاج . ولم تستطع ادارةالشركه معاقبة هؤلاء المزارعين الذين يحميهم الحزب وقد يكون متورطا معهم .
وهكذا فان الدول الحره تبني اقتصادا قويا وبيئة استثماريه جاذبه للاستثمارات الخارجيه ودولة حديثه يعيش مواطنوها برفاهية تامه ،. في حين ان الدول الديكتاتورية تدمر اوطانها واقتصادها وتنفر الاستثمارات الخارجيه منها وتجعل شعبها اسير نزوات حكامها يعيش على المساعدات الخارجيه ويعاني الفقر. وا وضح واقرب مثال هو اجراءمقارنه بين شطري كوريا .
===================================
صحفي وباحث متخصص بالشأن الكوري
=================================