حلم استرجاع البوتاس والفوسفات
جمانة غنيمات
25-07-2013 04:22 AM
يفكر صندوق "استثمار أموال الضمان الاجتماعي" في زيادة حصصه في شركتي البوتاس والفوسفات، من خلال صفقات منفصلة تبحثها إدارة "الصندوق" اليوم.
فكرة استعادة جزء مما تم بيعه أثناء عملية الخصخصة، مغرية. لكن ذلك لا يعني أبدا المضي في التنفيذ بدون دراسة أو تمحيص، فقط لأن الفكرة تلقى رواجا شعبيا، خصوصا أن استعادة ما تمت خصخصته كان مطلبا للحراك الشعبي الذي دعا إلى استعادة مقدّرات الوطن التي باعتها الحكومات على مدى عقود.
بشأن "الفوسفات"، يُجري "الصندوق" مفاوضات مع وكالة استثمارات بروناي لتملك كامل حصتها في مناجم الفوسفات الأردنية، والتي تشكل 37 % من رأسمال الشركة.
أما شراء حصة جديدة في شركة البوتاس، فيأتي في إطار تفكير "الصندوق" في تعظيم ملكيته في قطاع الصناعات الاستخراجية؛ إذ تبلغ حصة "الضمان" في الشركة ما نسبته 5.213 % من رأسمال الشركة البالغ 83.31 مليون سهم.
لكل خطوة أسبابها التي دفعت الأطراف المالكة إلى البيع، وجعلت "الضمان" يفكر في الشراء. فحكومة بروناي توجهت لبيع حصتها بعد كل ما أثير من فساد في "الفوسفات"، وهو ما أثبته القضاء الذي قرر حبس رئيس مجلس إدارة الشركة السابق وليد الكردي، مدة 37.5 عام مع الأشغال الشاقة، ودفع غرامة مالية مقدراها 283 مليون دينار. هذا إضافة إلى قضايا أخرى تتعلق بالشركة نفسها ما تزال مفتوحة أمام هيئة مكافحة الفساد.
أما "البوتاس"، ونتيجة وجود أنباء عن توجه الشركة لشراء الغاز من إسرائيل، الأمر الذي نفته الشركة أكثر من مرة، فقد اتجهت بعض الدول الخليجية إلى بيع حصصها فيها، ما دفع "الضمان" إلى التفكير في هذا الاتجاه.
الصفقات ما تزال معلقة، والقرارات لم تتخذ بعد. والتوصل إلى قرار نهائي يجب أن لا يرتبط بنوايا محسومة مسبقا بهذا الخصوص؛ فقيمة هذه الصفقات كبيرة، واستراتيجية الفكرة وبريقها لا يعفيان من المسؤوليات اللاحقة لها في حال لم تكن النتائج طيبة، وتسببت في استنزاف أموال "الضمان" في صفقات خاسرة تضر بمدخرات الأردنيين.
المضي في تنفيذ الصفقتين أو إحداهما بحاجة إلى أعلى درجات الشفافية والإفصاح، بحيث يكون الجميع شركاء في القرار. وتدفق المعلومات حول تطورات أي صفقة هو في غاية الأهمية، لاسيما أن الربط قائم بين وعود حكومية باستعادة بعض ما تمت خصخصته وبين ما يفكر فيه "الضمان".
اتقاء الشبهات ضرورة، والمسؤولية كبيرة، والقرارات يجب أن تبنى على دراسات مالية وتحليل، مع الأخذ بعين الاعتبار الدراسات التي تتحدث عن أفول نجم الصناعات الاستخراجية، بما فيها الفوسفات والبوتاس؛ إذ ليس من المتوقع أن تصل ذروة ما بلغته في العام 2008، فتلك الأسعار لن تتكرر، كما تؤكد ذلك النتائج المالية للشركتين خلال الأعوام القليلة الماضية، والتي بدأت تلمس تراجعا مطردا.
إدارة الصندوق أكدت غير مرة أن قرارها مستقل، ونفت بشكل قاطع وجود ضغوطات حكومية تدفع بهذا الاتجاه.
كلف القرارات الفاشلة اليوم مرتفعة ماليا وسياسيا في ظل مزاج شعبي مختلف عن الماضي، وقيمة صفقة الفوسفات اليوم تقدر بمئات الملايين، ولا تقارن بقيمتها التي تم بموجبها خصخصة الشركة حين بلغت 88 مليون دينار فقط لا غير.
الندم كان شديدا، والنتائج كارثية بعد عمليات الخصخصة التي يرى الناس أن أسعارها لم تكن عادلة للوطن. واليوم، التجربة نفسها تتكرر، والمطلوب أن تُتخذ قرارات لا تجلب الندم نتيجة التسرع والبحث عن الشعبية.
استعادة الثروات حلم، والأحلام لا تتحقق بسهولة.
jumana.ghunaimat@alghad.jo
الغد