توقف صحيفة (العرب اليوم) عن الصدور حدث مؤسف لا بد من الوقوف عنده لأخذ العبر.
لا يكفي في تفسير المأزق المالي للعرب اليوم ما يقال عن تراجع واضمحلال الصحافة الورقية نتيجة لبروز وتعاظم الدور الذي تقوم به الصحافة الإلكترونية، ذلك أن الصحف الورقيـة في الأردن وغير الأردن ما زالت تعمل بنجاح، علمأً بأن العرب اليوم أقلها استهلاكاً للورق.
ولا يمكن قبول تفسير المأزق الذي وصلت إليه العرب اليوم بتقصير الحكومة، فناشر الجريدة لم يشترها اعتمادأً على دعم الحكومة، كما أن دعم الحكومة له ثمن باهظ تدفعه الصحيفة المدعومة من حريتها واستقلالها، فليس هناك دعم مجاني، وعلى المدعوم أن يخدم الجهة التي تدعمه وينفذ تعليماتها، وقد أحسنت الحكومة صنعاً بعدم التدخل في مأزق مالي لشركة خاصة تعود ملكيتها لتاجر مليء.
الصحيفة المنكوبة توقفت عن الصدور بسبب خسائرها المالية التي فاقت رأسمالها، وتعود الخسائر أساساً لقلة الإعلانات، وهي المورد الأساسي للصحافة.
ناشر جريدة العرب اليوم تاجر، وقد حاول أن يدير الصحيفة كمشروع تجاري ولكنه لم ينجح، ويجب أن يكون على استعداد لتغطية خسائرها من جيبه الخاص كثمن للوجاهة التي تؤمنها ملكية صحيفة يوميه، بما في ذلك كونها سلاحا إعلاميا وأداة فعالة للهجوم أو الدفاع.
هناك أخطاء تم ارتكابها في إدارة وتحرير العرب اليوم، فلم تقم الإدارة بمجهود جاد لتسويق نفسها للمعلنين، كما أن ناشرها أغضب أفضل كتابها عندما أحدث تغييرات شكلية في الصحيفة دون علمهم ومشاركتهم - الإشارة هنا إلى طاهر العدوان وفهد الخيطان وسلامة الدرعاوي- الذين شكل انسحابهم المفاجئ هزة للصحيفة وصدمة لقرائها.
ناشر العرب اليوم أمام خيارين، فإما أن يغطي خسائر الصحيفة من ماله الخاص إلى أن تتحسن الظروف، وإما أن يبيعها بعد أن يسدد جميع التزاماتها الراهنة، وخاصة رواتب الموظفين الذين لا ذنب لهم فيما آلت إليه الأمور، واستحقاقات مؤسسة الضمان الاجتماعي المتأخرة.
بالمناسبة فإن على نقابة الصحفيين أن تتدخل بأكثر من البيانات والاعتصامات، وأن تسهم عملياً في إغاثة الصحفيين العاملين في الجريدة مالياً، فلا معنى لتكديس المال في صندوق النقابة الذي يحتوي على أكثر من مليون دينار إذا لم تقم النقابة بتسليف موظفي الجريدة ولو جزءا من رواتبهم بانتظار البت بمصيرهم ومصير الجريدة.
الرأي