الأوروبيون والأميركيون في حيرة
جهاد المومني
25-07-2013 04:09 AM
الاميركيون والاوروبيون يواجهون نفس المعضلة في التعامل مع حركة الشعوب في منطقة الشرق الاوسط وفي صراعها مع بعض انظمة الحكم, فمن يكسب نتيجة الصراع ليقيم نظام الحكم ومن يخسر، وهو السؤال الذي عجز الغرب عموما عن الاجابة عليه عشية الثورة التونسية ثم كانت الطامة الكبرى حين لم تفلح التوقعات في معرفة نتيجة الثورة المصرية الامر الذي شجع الغرب على التدخل في ليبيا لحسم النتيجة لصالح الثوار حتى لا تتكرر المفاجأة ويكون الغرب آخر من يعلم.
معضلة الغرب اليوم تتمثل في عدم القدرة على توقع النتائج في الصراع على السلطة في سوريا، فمن يكسب ليكون الغرب الى جانبه ومن يخسر حتى لا يضطر الغرب لمشاركته الخسارة، وبالمحصلة تقرر دوائر صنع القرار في العواصم الغربية ان افضل الخيارات - ما دام لا بد من موقف - فخيار الاقتراب من الازمة السورية بما يكفي للبقاء في الصفوف الاولى من المتفرجين مع الحرص على افساح الطريق امام خطوة اضافية الى الامام للمساهمة في تغيير مسارات الاحداث او العبث بموازين القوى عندما يقتضي الامر ذلك.
على ضوء هذا الواقع ومؤشرات التردد والتشظي في مواقف واشنطن وحليفاتها الغربيات جاء قرار الاتحاد الاوروبي بادراج الجناح العسكري لحزب الله على قائمة الارهاب وليس الحزب بكامل مؤسساته وقياداته وجميعها ذات طابع عسكري، فالحذر الغربي والاوروبي بشكل خاص من ارتكاب الاخطاء في تقدير موازين الصراع، يمنع المجازفة بقرار أكثر تشددا ازاء الجماعة المسلحة الوحيدة في المنطقة غير المدرجة على قائمة الارهاب الاوروبية، ومرة اخرى لا يريد الغرب ارتكاب خطأ جديدا في تقديراته لواقع الحال وقراءته لمستقبل المنطقة على ضوء هذا الواقع، تريد اوروبا ومعها الولايات المتحدة الاميركية الامساك بالعصا من منتصفها تماما حتى لو كان احد النصفين يمثله حزب الله او جماعة النصرة وغيرها من الجماعات المسلحة مع الحرص على التفريق بين هذا التنظيم او ذاك او هذه الجماعة او تلك، ما يهم الغرب الان الا يخرج من المعادلة خاسرا لصالح روسيا الحاضرة من خلال نظام يؤدي الدور المرغوب اوروبيا واميركيا واسرائيليا وعربيا، فالقضاء على المتطرفين والمتشددين و( المجاهدين ) مهمة ينفذها النظام السوري دفاعا عن نفسه ولكنه ايضا يؤدي خدمة كبيرة لكل الاطراف.
الكل متحفز وينتظر النتائج، وقليلون فقط يجازفون لتغيير هذه النتائج، واذا حدث التدخل فلهدف وحيد هو ابقاء الحال على ما هي عليه مع الحرص على الا يخسر احد اطراف الصراع بسرعة وينهار بشكل مفاجئ كما حدث في مصر بسقوط مبارك، ومصر اليوم معضلة جديدة وقابلة لئن تحتل المركز الاول على قائمة مصادر القلق بالنسبة لاوروبا واميركا, ولذلك يعاملها الاوروبيون والاميركيون بمنتهى الحساسية، وربما بمنتهى الحكمة ايضا، فلا هم مع شرعية مرسي ولا هم مع شرعية ثورة الثلاثين من يونيو، فالازمة المصرية تجبر الغرب كما هي الازمة السورية على الامساك بالعصا من منتصفها حتى لو كان احد النصفين غير مرغوب فيه ابدا.
الرأي