هناك دراسات وابحاث اظهرت مؤخرا ان غياب الرادع البيتي وعدم الاحترام داخل البيت هو من الاسباب الرئيسية لتنامي ظاهرة العنف بين الطلبة في الجامعات وكذلك تنامي هذه الظاهرة في بيئات اصحاب الاسبقيات او من يقومون بالتعدي على الاخرين سواء بالسرقة او بالخاوات او البلطجة او غيرها من الاساليب التي ينبذها المجتمع.
فهناك حقيقة واضحة وضوح الشمس ان من اهم ما يجعل الابناء يتمردون سواء داخل البيت اولا وانعكاس هذا الامر التمرد خارجه ليصل الى الجامعة والشارع والمدرسة والحارة هو اختفاء وضياع هيبة الكبير وان مثل هذا يؤدي ضياع هيبة الاستاذ فعندما تجد طالب لا يقيم اي اعتبار لوالده فمن الطبيعي ان يرى ان لا اعتبار لأي كان طالما هو افقد نفسه اعتبار لوالده "القدوة والمثل الاعلى".
هناك من يقول في هذه الدراسات ان بعض الامهات في كثير من الاحيان هن من يساهمن في فقد هذه الهيبة للاب من قبل ابنه لانها اصلا هي من تساعد وتقوي الابن على ابيه اعتقادا منها انها بذلك ستتصدر المشهد العائلي وتكون هي سيدة الموقف في البيت عندما تقوم باضعاف الاب واضعاف دوره ليؤول هذا الدور لها على حساب زوجها ولكن للاسف فان السحر في هذه الحالة دائما ينقلب على الساحر فينعكس تخطيطها سلبا عليها ايضا لان الابن سيدرك بعد وقت قصير جدا ان الاب اذا ضاعت هيبته فان هيبة الابن هي التي ستحل مكان ابيه وفي هذه الحالة يكون الوضع وبالا على كل افراد الاسرة ولن يكون الاب هو الوحيد المتضرر انما الام ايضا ومعها بقية الاخوة وسيكون الوضع الاسوأ ان كان هناك شقيقات فسيكن هن ضحايا لبطش هذا الاخ "الشقي" والذي ساهمت امه في شقاوته وتمرده على ابيه اولا ليمتد هذا التمرد لبقية افراد العائلة الذين يذوقون منه الويلات وينتقل تمرده وشقاوته هذه الى المجتمع المحيط به والجامعة تمثل بؤرة قريبة من البؤر الاسرية لتنامي عنف مثل هؤلاء الاشخاص ولزيادة تمردهم خاصة عندما يجدون حالات مشابهة لهم في التمرد يشكلون معهم عصابات او جماعات تحاول ان تبرز نفسها من خلال "الفتوة" وفرد العضلات.
البيئة الجامعية عندما توجد بها مثل هذه الفئات تشكل اضرارا كاملا على سير العملية التعليمية وهؤلاء يمثلون اعاقة كاملة لهذه العملية ويعطلون على غيرهم وهم عندما ينجحون في ذلك واستمراريته ان لم يتم ردعهم فانهم سيسعون لان يأخذوا الدور القيادي في المؤسسات التعليمية على حساب الاساتذة والمدرسين فيصبحوا هم سادة الموقف كما هم توصلوا لذلك على حساب آبائهم.
قضية العنف الجامعي والعنف المجتمعي بحاجة ماسة الى دراسات وابحاث عميقة وشاملة وللأسف لم تقم الجامعات بمثل هذه الامور رغم انها هي المتضرر الاكبر منها ويبقى المخططون هذه الجامعات مشاهدون لمشهد هم داخله دون ان يفعلوا شيئا حتى ان قراراتهم تجاه مثل هذه القضايا كانت دائما قرارات لا تنم عن وجود اصحاب قرار مما زاد العبء على الدولة والمجتمع وساهم في زيادة المعاناة رغم ان الجامعات كان من المفترض ان لا تكون فيها مثل هذه الامور لانها بيوت علم ولم تكن فيها اماكن لاصحاب مشاكل واسبقيات.
ويجب ان نعترف ان هيبة الاب ليست هي فقط التي تضررت ولكن هناك اضرار لهيبة الكبار في المجتمع وخاصة القيادات المحلية وتم استبدالهم باناس لا قدرة لهم على الحل والربط كما كان اهلنا في السابق.