لا نعرف لماذا نعود بالذاكرة الى محادثات «الوحدة الثلاثية» بين مصر عبدالناصر وسوريا التي اطاحت بالانفصال، والعراق الذي اسقط عبدالكريم قاسم. فمشهد تهديم الدولة القطرية يقفز فوق حلم دولة الوحدة – من الفرات الى النيل – ويدفع الكثير من القوميين والناصريين واليساريين والبعثيين والشيوعيين الى السؤال الاول الذي طرحه زعيم الحزب السوري القومي على نفسه: ما الذي جلب على امتي هذا الويل؟!

معارك الشوارع في القاهرة والجيزة والمنصورة، والاقتراب الحثيث من عودة الصراع الطائفي السني – الشيعي في العراق، وهذا الجنون الذي يتلبس الجميع في سوريا.. هو الذي يفتت العرب، ويقتل فيهم روح النهوض والارتقاء، فهذا الهلال الخصيب ووادي النيل حقائق جغرافية – تاريخية تشكل قلب الامة وروحها.. وغير ذلك فكيانات اكبرها واقواها .. اسرائيل!!.

كنا نتابع امس الهجوم على اكبر سجون العراق في ابو غريب والتاجي، واطلاق سراح آلاف المحكومين بجرائم القتل.. من انصار القاعدة، ومن جيش القدس او جيش المهدي، او عصائب الحق... فهؤلاء آلاف احترفوا القتل، وقبضوا ثمن جرائمهم ولنتذكر ان الذي احال احتجاجات ساحة التحرير في القاهرة الى مرحلة العنف الفكري هو عنصر «البلطجية» الذي خرج من السجون الصحراوية..

... الذي يثير التحسب، هو هذا الذي يحدث في محافظة ديالى:
- فهذه المحافظة مختلطة سنّة وشيعة.
- وهي المحافظة الوحيدة التي تقع على حدود ايران بنسبة عالية من السنة.
- وهي التي يكثر فيها تهجير السنة بهذه المتفجرات التي تطال مساجدهم، واحياءهم .. فمنذ اول هذا الشهر تقول احصاءات الدم ان 600 ضحية قضوا بسبب التفجيرات وهذا رقم غير عادي في 22 يوما!!.
اذا تصورنا ان استقطاب تهديم قلب الوطن هو صراع الاخوان والعلمانيين، او السنة والعلويين او السنة والشيعة، فاننا نكون حكمنا على المشهد من هذا الذي يجري على السطح، فالصراع ليس صراعاً عقائدياً بين الديني والعلماني، ولا بين علي ومعاوية، او بين جميل مردم وسليمان المرشد.. رب واله جبال العلويين، وانما هو مجموعة مقاولين يهدمون المدن القديمة ليسووا الارض لبناء «مستوطنات» ترعاها الولايات المتحدة ووكيلها على الأرض.. اسرائيل!!

الرأي