أهو إنقلاب في مصر أم ثورة ؟
د.عادل الحياري
23-07-2013 04:15 AM
يقول أنصار مرسي أن ما حدث في مصر مؤخرا هو انقلاب، في حين يرد المعارضون ان ما حدث هو ثورة. وحيث أن الغالبية من الناس لا تعرف الفرق من الناحية الدستورية، بين الانقلاب والثورة، فإن من اللائق أن نقول كلمة موجزة ، لتوضيح ما المقصود بالانقلاب ومن ثم المقصود بالثورة.
وفي هذا الشأن نقول أن بعض الباحثين في الدراسات الدستورية ، قد عوَل للتفريق بين الانقلاب والثورة ، على القائمين بالحركة. في حين اعتمد آخرون على الأهداف التي تقصد الحركة تحقيقها.
وبالنسبة للفريق الذي اعتمد معيار القائمين على الحركة، قالوا إن الحركة تعد ثورة اذا كان القائم بها هو الشعب أو الفئات الغالبة منه. وتعد انقلابا اذا كان القائم بها أحد الحكام – أو بعضهم – كرئيس الوزراء أو قائد الجيش.
أما الفريق الثاني الذي اعتمد معيار الأهداف المتوخاه من الحركة ، فقالوا اذا كان هدف الحركة هو مجرد الاستيلاء على السلطة، فإنها تعد انقلابا. أما اذا كان هدف الحركة هو تغيير النظام، فالحركة تعد حينئذ ثورة.
وبالتطبيق على الواقع المصري، يقول أنصار مرسي أن الذي قام بالحركة هو وزير الدفاع، وبالتالي فإن الحركة هي انقلاب. في حين يرد المعارضون أن الذي قام بالحركة هو غالبية الشعب المصري، وقد تجلى ذلك بمسيرات الملايين، وبالتالي تعد الحركة ثورة بامتياز.
ويقولون أن هؤلاء الذين تظاهروا كانوا أكثر عددا من المتظاهرين الذين اسقطوا حسني مبارك. وقد ساد اجماع لدى غالبية الشعب المصري أن الحركة التي أطاحت بنظام مبارك كانت هي الثورة بذاتها، على الرغم من أن سلطة الحكم استقرت نتيجة لتلك الثورة بيد العسكريين.
واذا كان الأمر كذلك، فمن باب أولى أن توصف الحركة التي أطاحت بمرسي بأنها ثورة. يضاف الى ذلك أن بيان الفريق السيسي، الذي أعلن بموجبه التغيير، لم يكن هو البيان الوحيد، بل رافقه بيانات من شخصيات متعددة، تمثل أطيافا مختلفة، ضمت شيخ الأزهر وبابا الاقباط وحركة الشباب وجبهة الانقاذ وكتاب وصحفيين. وهو ما يؤشر الى أن هناك حالة توافق وإجماع من مختلف مكونات الشعب المصري، على الاطاحة بحكومة مرسي . وهذا يوجب وصف هذه الحركة بأنها ثورة.
أما فيما يتعلق بمعيار الهدف المتوخى من الحركة، فقال أنصار مرسي، أن الهدف بالنتيجة هو استيلاء الفريق السيسي على السلطة . ولهذا لا ينطبق على هذه الحركة الا وصف الانقلاب.
ويرد المعارضون بالقول أن واقع الأمر يكذب هذا الادعاء. فالفريق السيسي حذر ابتداء الفريقين بالوصول الى اتفاق، وبعكس ذلك سيضطر الجيش الى وضع الحل. ولما لم يحدث أي اتفاق في الوقت المحدد، قام الجيش ، بالاستناد الى المظاهرات المليونية، وبالاتفاق مع أطياف المعارضة، الى اصدار خارطة طريق، قصد بها اخراج البلاد من مظلة أخونة النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي.
وخارطة الطريق لم تتضمن أي تغيير في الموقع السياسي للفريق السيسي، بل احتفظ في ظل النظام الجديد بنفس المنصب في ظل النظام القديم. أكثر من ذلك، فقد صرح بالأمس أنه لن يترشح لمنصب رئيس الجمهورية، لأنه فخور برئاسة مؤسسة الجيش العريقة.
لكل ذلك يقول المعارضون، أن الحركة التي قامت في مصر مؤخراً، لم يكن هدفها الاستحواذ على السلطة، بل كان الهدف منها ، تغيير النظام الذي لم يعد يلبي رغائب غالبية الشعب المصري، وبالتالي فهم يخلصون الى ان الحركة ما هي الا ثورة بإمتياز، سواء بالأخذ بمعيار القائمين على الحركة، أو بالأخذ بمعيار الأهداف المتوخاة من الحركة.
ومهما يكن من أمر الاختلاف في تكييف الحركة – وهل هي ثورة أم انقلاب – فإن النتيجة التي تنتهي اليها الحركة ، هي التي تحدد وضعها بالنهاية. فإذا نجحت فالحكم لها، واذا فشلت فالحكم ضدها. ذلك لأن الحركة عبارة عن صراع بين قوتين ماديتين، قوة المعارضة وقوة الحكومة، والتي تنتصر منها، يكون لها الغلبة والحق في جانبها .
بقيت نقطة واحدة تتعلق بهذه المسألة، وهي المساعدات الأمريكية لمصر، ذلك لأن قوانين الأمريكان تقول بوقف المساعدات عن البلد الذي يقوم فيه الانقلاب.
وحيث أن الأمريكان يتبنون في السياسة المعايير المزدوجة، وحيث أن المساعدات كانت قد قررت لمصر، للمحافظة على أمن إسرائيل، فلا خوف على المساعدات لأن أسابها ما زالت قائمة ، وسيجدون الفذلكة المناسبة لعدم قطعها.
الرأي