الإخوان بين شيخ مجاهد وشيخ واهم
د.مهند مبيضين
21-07-2013 04:15 AM
في مسجد الشيخ الشهيد عبد الله عزام، في الجبل الشمالي بالزرقاء، كان لي شرف اللقاء مع بعض الأصدقاء عقب صلاة العصر من يوم الاربعاء الماضي، فجأة قفز للذهن والذاكرة شيخ المجاهدين عبد الله عزام، لتتوالى مشاهد الحركة الإسلامية اليوم هبوطاً، بما يصدر من بعض شيوخها الطارئين على الفقه والعلم، وممن ينصبون أنفسهم قضاة يحكمون على الناس ويسبونهم ويقذفونهم بأقذع الكلام والردود الهجينة التي لا تنتمي لروح الإسلام ولدعوته ولسير الكبار فيه، وهي ردود أشبه بقذى العين.
وحين نعود أيضا إلى زمن كان فيه الشيخ عبد الله عزام بيننا، يملأ الجوامع إذْ كان درسه في جامعة عبد الرحمن بن عوف مناسبة وفرصة للعبر والتدبر، وكانت محاضرته في الثقافة بمدرج سمير الرفاعي بالجامعة الأردنية وهو يُجادل من أجل الإسلام ودعوته، بزدحم عليها الطلبة من كل الجامعة، وإذا ما تذكرنا الأستاذ محمد عبد الرحمن خليفة كيف أقام للحركة وزناً واحتراماً بين الناس لأنه كان يحترم رسالته وفلسفتها لما كانت ملتحفة بعد بثوب الشيخ المؤسس حسن البنا، فإننا إذا ما ذهبنا أكثر في المقارنة لوجدنا الحركة الإسلامية اليوم في الدرك الأسفل من الضعف، يكتسيها العنف ويطغى على قلوب قادتها الشعور بالكره لكل من خالفهم، وبأنهم ظلموا وأن المؤامرة الأممية تُحاك عليهم من كل الجهات، علماً أنهم هُم من تحالف ومن ناور ومن عقد الصفقات سواء في تاريخهم السياسي في الأردن أو في علاقة الإخوان بمصر بالقوى الغربية .
لن نذهب بعيداً، ففي ظلال سيرة الشيخ عبد الله عزام، نجد أن الواقع اليوم للحركة مأزوم فيما بين الحركة نفسها وشيوخها فيما بينهم ومع الدولة، ومثقلٌ وثاوٍ بالكراهيات، والغيبيات التي تعيش عليها الحركة، ونجد أن التاريخ كان أكثر رحمة بنا منهم لو حكمونا؛ لأن شيوخا من الإخوان انفسهم رغبوا ذات يوم بإخراج الشيخ الشهيد عبد الله عزام من الأردن لأنه كان يتاميز عليهم فكرا ومحبة بين الناس، فوافقوا الحكومة آنذاك على قرار ابعاده، وحين نعود لـتأسيس الحركة ونقرأ مقالات الشيخ حسن البنا المنشورة في مجلة الفتح القاهرية التي أسسها الشيخ محب الدين الخطيب، فإننا نشهد فارقاً كبيراً بين ما تنضح به أقلام بعض الشيوخ اليوم، وبين ما رشح من الحق والكلام الحسن في قلم الشيخ البنا من كلام عن الدعوة للإصلاح وبناء الأمة المسلمة، وذلك في مقالات بمجلة الفتح التي اهتم كثيرا فيها للحديث عن إصلاح الأزهر والمجتمعات الإسلامية، قبل أن يؤسس الحركة. «البقية ص22»
ولكن، ولكون الشيوخ يأنفون من قرأءة الأفضل فيهم لمدارة نقصهم، وستر عورة عنهم، لما هم فيه بعضهم من ضعف، وجاهلية (تعصب) ودنو كعب في المعرفة، فهذه نصيحة للشيخ الفاضل علي العتوم الذي تناول جريدة الدستور ورئيس تحريرها وكتابها بما لا يليق بروح الحوار والحجاج، كي يعي معنى الدعوة للإصلاح، وله ان يستزيد من مقالات الشيخ محمد الخضر الحسين شيخ الأزهر، وهو صاحب كتاب الدعوة للأصلاح ومن مؤسسي جمعية الشبان المسملين العام 1928 والتي انتهت مبكرا؛ لأنها رفضت التعامل مع الغرب في حين تقدم غيرها من الجمعيات لأنها تعاملت مع الاستبداد والغرب معا؟ له أن يفيد منه فيما قررة الشيخ الخضر من حديث عن معنى الدعوة ومن يقوم عليها وشروطها.
وبما أن فضيلة الشيخ علي العتوم الذي ينسب إلى افضل البيوتات ويُصر على أن يسب الدستور وكتابها ورئيس تحريرها في مقالة المنشور في السبيل يوم الاربعاء الماضي، في كلام غريب على منبته وأصله وخلقه، فإنها تمثل زلة لا تستحق التوقف كثيرا، إلا مؤشر على الوهن وتؤكد وجود فظاظة راسخة تعمي القلوب والبصائر، وهو كلام لا يسود إلا في زمن الضب الذي حذر منه سيد البشر، فلا سبيل إلى الرد عليه غير الاحتساب عند الله، لذلك ينبغي تجاهلها، فهي كفارغ بندقٍ خلي من المعنى ولكنه يفرقع، وهو ما يعكس أي زمن فيه الإسلام اليوم، عندما يتصدر به الدعاة بفظاظة وعنت، وقد بلغ الران على قلوبهم بأوسع طبقاته، وذاك كلام الله عز وجل فهو القائل « لو كنت فظا غليظ القلب لانفظوا من حولك» ويسأل الشيخ لماذا يهاجمه الناس ولماذا ينتقدون الحركة الإسلامية، وما من ردٍ يليق ولا يستحقه كلامه إلا قوله تعالى:» ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين»؟
أما ما جاء في مظاهرات يوم الجعمة من إشارة للجيش العربي، فهذا ليس بمستغرب، لأن من هم اليوم بجبة الإخوان بعيدون كل البعد عن الزمن الأول الذي قاتل به شيوخهم عام 1948 جنبا إلى جنبا مع افراد الجيش العربي، متعلقون بجبة الإخوان هم منقطعون عن أصل الدعوة وأشبه بساق شجرة ضربها المن، فبين ممدوح الصرايرة وعبد اللطيف أبو قورة اللذين قادا ستين مناضلا مع الجيش العربي للدفاع عن القدس وفلسطين بون شاسع، لأن قدامى الشيوخ كانوا ليبغون وطنا قويا والدعوة إلى الإصلاح، ودافعوا عن فلسطين القضية، اما اليوم فهم لا يريدون إلا السلطة وما يرشح لهم من فلسطين كغنيمة وهو يرون انفسهم كثرة في الشوارع والساحات، ولكنها كثرة لن تغني عنهم شيئا ولو اعجبتهم، فذلك أمر الله بهم.
نسأل الله لهم، حسن المآب، والمغفرة...
الدستور