شكلت صحيفة "العرب اليوم" علامة فارقة في الصحافة المطبوعة، فهي التي ساهمت بطريقة أو بأخرى في رفع مستوى الحريات الصحفية في الأردن، خصوصا في الفترة التي كانت الزميلات الأُخَر "يمشين الحيط ويقلن يا رب السترة".
ما حدث في العرب اليوم، يستدعي فتح ملف الصحافة المكتوبة وإعادة النظر في دور الحكومات فيها وموقفها منها، خصوصا أن الفضاء الافتراضي، لم يعد يفسح المجال لإخفاء شيء، وليت الأمر يقف عند هذا الحد؛ بل يتعداه إلى تضليل الحقائق وجعل الأبيض أسود والعكس صحيح.
أمام هذا التغير الكمي والكيفي في طبيعة ما يتداوله الإعلام الحديث، يجب على مؤسساتنا الرسمية إعادة النظر في طريقة تعاملها مع الحريات الصحفية، وضمن هذا السياق الذي يحمي هيبة الإعلام المطبوع، ويجعل له مصداقية في زمن أصبحت فيه المصداقية والثوابت كلها على المحك.
مما لا شك فيه أن ثمة خللا في الإدارات المالية والإدارية التي تعاقبت على الصحيفة، وقد ساهمت بشكل مباشر في تردي وضع الصحيفة اقتصاديا وإداريا، ولكن رغم هذا كله أعتقد أن من واجب المؤسسات الوطنية على الدولة أن تتحرك لإنقاذ "العرب اليوم"، وخصوصا أن الحكومات المختلفة قامت بعمليات إنقاذ مشابهة، لمؤسسات ليست صحفية فما بالك بمؤسسة صحفية، لها باع طويل في الحريات والصحافة الوطنية المسؤولة.
قصة "العرب اليوم" تستدعي وقوفنا جميعا إلى جانبها، وذلك انطلاقا من ميثاق الشرف الصحفي الذي ينظم عملنا كصحفيين، فمسألة الربح والخسارة لمالكي الصحف مسألة في غاية الأهمية، ولهم حقهم في الدفاع عن استثماراتهم، ولكن من حقنا كمواطنين أولا وصحفيين ثانيا، أن نفكر في طريقة تنشل الصحيفة من الحال الذي وصلت إليه.
وتقتضي الزمالة في المهنة الدفاع عن عشرات الزملاء ومئات الأفراد والأسر التي تعيش من وراء هذه الصحيفة، هذا في الجانب الإنساني، أما في الجانب المهني فنحن بحاجة إلى صحف وطنية تتحرى المصداقية وترفع من شأن الحريات الصحفية، لأن تكريس نهج التضليل الإعلامي وسيادة وجهة نظر واحدة ، قد أصبح من الماضي، وعندما نخسر منبرا إعلاميا فإننا نضع أيدينا على قلوبنا خشية من خسارة منابر أخرى.
إن ترك "العرب اليوم" في مهب الريح، دون عملية إنقاذ حقيقية لها، سوف يؤثرعلى مستقبل الصحافة المطبوعة، فبالمحصلة النهائية تبقى "العرب اليوم" صحيفة وطنية قدمت أنموذجا للصحافة الأردنية وتستحق الوقوف معها.
الغد