قصة اعتقال طفل عمره 5 سنوات
جهاد المنسي
21-07-2013 03:55 AM
قبل أسبوع، اعتقل جيش الاحتلال الصهيوني الطفل وديع كرم مسودة ابن الخليل، ورغم أن وديع يبلغ فقط 5 سنوات فقد أصر الاحتلال على اعتقاله.
اقتاد الجنود الطفل ووالده لمعسكر للجيش الإسرائيلي، لما يقارب نصف ساعة، ثم تم نقلهما لضابط نقطة تفتيش الخليل، وبدأ التحقيق معهما قبل أن يصل مسؤول من الارتباط الفلسطيني، للتنسيق والإفراج عنهما.
تصوروا لو أن طفلا في عمر مسودة اعتقلته دولة عربية، كسورية أو أية دولة أخرى، ماذا كان سيحدث؟، وهل سيصمت دبلوماسيو العالم كما صمتوا أمام إسرائيل واعتقالها لمسودة.
إن حصل ذلك؛ فإن سفارات العالم ستستنكر الحادثة، ومن الممكن أن يتداعى مجلس الأمن للاجتماع ويقرر وضع الدولة التي اعتقلت طفلا في الخامسة من عمره في إطار البند الخامس ويطلب من الأعضاء الدائمين التدخل الدولي في شؤون تلك الدولة.
بداية؛ فإن اعتقال طفل في الخامسة أو العاشرة أو الخامسة عشرة مدان سواء فعلت ذلك دولة عربية أو إسرائيل، ولكن العالم لا يرى إلا بعين واحدة ولا يرى إلا ما تقترفه دول أخرى، ويغض النظر عن إسرائيل وجرائمها وقوانينها العنصرية ويواصل دعمها بالعتاد والمال، والدعم المعنوي.
هم يعترفون أن العالم يتغاضى عن أفعالهم، فقد قالت صحيفة "معاريف" في معرض تعليقها على حادثة اعتقال مسودة، إنه لم يتم تسجيل ردود أفعال لدبلوماسيين أجانب في إسرائيل، أو مناطق مختلفة من العالم على الحادثة.
أرايتم، لا رد فعل واحدا من دبلوماسي عالمي أو عربي، اعتقد أنه يوجد لنا سفير في إسرائيل ماذا تراه فعل؟! ولماذا لم يحتج؟، ولماذا لم تصدر الخارجية بيانا؟ أليس مسودة طفلا؟! أم أن أطفال فلسطين لا يعتبرون أطفالا؟!.
حقوق الإنسان لا تُجَزّأ، كما الديمقراطية، وحقوق الطفل تمارس فقط على أطفال إسرائيل ويمارس خلافها على أطفال فلسطين، فالحقوق واحدة، والأنظمة والشرعة الدولية واحدة، بيد أن العالم ليس واحدا، فهو الذي يتعامل بمكيالين، ويرى بعين واحدة فقط، ويتغاضى عن جرائم إسرائيل بحق الطفولة كما تغاضى عن جريمة قتل محمد الدرة، وقبلها جريمة قتل الطفل فارس عودة.
العالم تغاضى عن جرائم إسرائيل ويوقع العقوبات بحق أي دولة عربية فعلت نصف ما تفعله إسرائيل أو مثله، وحتى لا يتصيد دعاة الإقليمية والطائفية والجهوية والقطرية، وأزلام شبكات الإعلام المأجورة لهذا القول، فإن ذاك لا يعني غض النظر عن القتل أينما وجد ومهما كان مصدره، ومحاسبة من يقتل، ومن يمول القتلة، ومن يرسل المرتزقة للقتل والسفك، ومحاسبة كل قناة فضائية ساهمت في استمرار مسلسل القتل سواء كانت قنوات مصرية او خليجية أو عالمية، أو دينية تابعة لهذا الطرف أو ذاك.
ذنب الطفل وديع أنه قذف حجرا عن جندي الاحتلال فاعتقل، لماذا؟ لأن إسرائيل تنظر للحجر سواء كان بيد وديع أو بيد فارس أنه وسيلة مبتكرة للتعبير عن الرفض، وأنه بات يخيف جنودها أكثر من الطلقات، ولهذا تكشف إحصاءات أن عدد الذين استشهدوا في الانتفاضة الفلسطينية الأولى بلغ أكثر من 5050 فلسطينيا، من بينهم 1000 طفل تحت سن 18 سنة.
تعتدي إسرائيل يوميا على الطفولة في فلسطين، والإحصائية التي توثّق ذلك دليل على ضربها بالقوانين الدولية والإنسانية عرض الحائط، فهناك أكثر من 95 طفلا فلسطينيا تم اعتقالهم منذ بداية هذه السنة 2013. تقرير لمنظمة اليونسيف للأمم المتحدة المتعلقة بالطفولة أكد أن هناك نحو 700 طفل تتراوح أعمارهم بين 12 و 15 عاما يعتقلون سنويا بدعوى رشق الحجارة.
رغم كل ما تفعل إسرائيل سيبقى الحجر الفلسطيني سيد الموقف كما قال الراحل الكبير نزار قباني في مطولته التي حملت عنوان أطفال الحجارة عندما قال:
يرمي حجر الثورة .. حتى يسقط آخر.. فاشستي من فاشست العصر
يرمي ... يرمي ... يرمي ...
حتى يقلع نجمة داوود بيديه
علمونا.. كيف الحجارة تغدو بين أيدي الأطفال ماسا ثمينا
كيف تغدو دراجة الطفل لغما
وشريط الحرير.. يغدو كمينا
كيف مصاصة الحليب إذا ما اعتقلوها تحولت سكينا.
الغد