في معارك القدس الشريف (4)
د. معن ابو نوار
20-07-2013 07:39 AM
في يوم 21 أيار ؛ تحرك الرئيس محمود الموسى ؛ الذي لا زالت جراحه تؤرقه مع فئة مشاه وحضيرتين بقيادة الملازم مصطفى إبراهيم إلى منطقة شمال الحي اليهودي في القدس القديمه بهدف تضييق الحصار عليه. ومن ذلك الموقع أمر الرئيس بركات الخريشا قائد سرية منكو من المناضلين الأردنيين ؛ لقيادة ذلك القطاع ؛وأن يشاغل قوة الهاجناه؛ واحتلال ما يمكن احتلاله من الحي اليهودي. وعاد الموسى إلى باب النبي داوود وقاد هجوما على الحي اليهودي من الشرق. وبمساعدة وإقدام فوزي القطب ؛ وفئة التدمير تمكن من تدمير بيت وعدة مخازن ؛ وبنجاح تلك العمليه تحقق فتح منطقة محرمة بين قوة الهاجناه المدافعة عن الحي اليهودي ؛ وبين القوة الأردنية المهاجمه. وجرح الملازم الشجاع المبادر نواف جبر الحمود ؛ وأرسل إلى المستشفى.
عند منتصف الليل بدأت قوة الهاجناه والبالماخ بهجوم مركز من جبل صهيون على باب النبي داوود لفتح ثغرة في الحصار الأردني ؛ وإنقاذ الحي اليهودي. وخلال القتال الشديد الذي تطور إلى قتال قريب يدا بيد ؛ صاح أحد الجنود الأردنيين بنداء " الله أكبر ؛ الله أكبر" وردده إخوانه جنود الفئه بصوت واحد كالرعد ؛ مما رفع معنوياتهم ؛ وبعد ذلك الموقف النشمي ؛ تكبد المهاجمون اليهود خسائر فادحة وهربوا من ميدان المعركة بعد أن سادتهم فوضى الخوف.
في يوم 23 أيار ؛ وافق مجلس الأمن لهيئة الأمم المتحدة على قرار طالب فيه جميع الحكومات والسلطات بأن تمتنع عن القيام بأي إجراءات عسكرية معادية في فلسطين ؛ وأن تأمر بوقف إطلاق النار الذي يبدأ ضمن 36 ساعة بعد منتصف ليلة 22 أيار ؛ ولكن ككل قرار سابق أهمل طلب وقف إطلاق النار من قبل الجانبين.
وفي يوم 23 أيار : أصيب جنود الخط الأمامي من كتيبة المشاة السادسه بإرهاق شديد بعد القتال الشديد الذي عانوه خلال أسبوع كامل بلا نوم أو راحة تقريبا. وقام الرئيس محمود الموسى بإعادة انتشار فئات سراياه في مواقعها ؛ وأصدر أوامره بأن يرتاح غالبية الجنود ويخلدوا إلى الراحة والنوم ؛ وخفف من نشاط وحداته إلى أدنى حد ممكن مع المحافظة على مراقبة العدو مراقبة منتبهة. وما أن استعادت الكتيبة نشاطها وهمتها بعد راحة قصيره ؛ قامت القوات اليهودية بهجمات عديدة على مناطق مختلفة من أسوار القدس القديمه ؛ لكنها صدت جميعا بمقدرة وحسم من قبل جنود الخط الأمامي الأردنيين المدافعين عن الأسوار.
كانت الطرق والممرات في الحي اليهودي مسيطرا عليها من القوة المدافعة عن الكنيس اليهودي ؛ والمستشفى المجاور له ؛ والذين يطلان على جميع الشوارع والطرق في المناطق المجاورة من الأحياء الإسلامية والمسيحية. ومن الكنيس والمستشفى كان الصيادون والرماة الماهرون من قوة الهاجناه يطلقون النار باستمرار على أي إنسان أو حركه في تلك الشوارع أو الطرق. وبالرغم من أن عبد الله التل حاول عدم قصف الكنيس ؛ إلا أن قوة الهاجناه استمرت على إطلاق النار ؛ وأصابت العديد من سكان تلك الأحياء وكبدت المدنيين العرب خسائر كبيرة من الشهداء والجرحى. وأخيرا أنذر اليهود بواسطة بابلو أزكازارات ممثل الصليب الأحمر الدولي بالإمتناع عن إطلاق النار ؛ وإلا سيضطر العرب إلى فتح النار إذا استمر اليهود على الرماية من الكنيس ؛ إلا أنه لم يتلق أي جواب من اليهود.
كان الرئيس محمود الموسى يقود جنوده من الأمام في طليعتهم ؛ ويعطيهم أفضل مثل في القتال ؛ وفي يوم 24 أيار؛ وبالرغم من معاناته من جراحه صمم على تدمير العمارات الواقعة في القسم الجنوبي من الحي اليهودي المجاور للسور ؛ للكشف على مواقع الهاجناه . وخلال اجتماعه بقسم الأمر انفجرت قنبلة يهودية قربه ؛ وجرحت ثمانية من رجاله. وتحت نار مساندة تقدم بحضيرة مشاة لحراسة فوزي القطب وفريق تدمير من الجهاد المقدس ودمروا مصنع حديد في الحي اليهودي ؛ وهكذا انكشف المستشفى والكنيس للنيران الأردنيه المباشره من جنوب الحي.
عند هذه المرحلة أمر ديفيد شالتيل فئتين من كتيبة البالماخ في جبل صهيون التقدم إلى باب النبي داوود واختراقه للإنصال بالحي اليهودي. عندها فقد إسحق رابين أعصابه غاضبا وقال له: " أين كل القوات ؟ ؛ هل الثمانين 80 جنديا من البالماخ المنهكين الذين أعرتهم لك ؛ القوة الوحيدة التي يستطيع الشعب اليهودي تعبئتها لتحرير العاصمه ؟." ( يعني القدس)
في يوم 25 أيار: أرسلت سرية المشاة الخامسة بقيادة الرئيس محمد إسحق هاكوز من رام الله ؛ لتلتحق بأمر كتيبة المشاة السادسه في القدس القديمه ؛ ولكن بعد يومين من القتال ؛ جرح خلالها قائدها محمد إسحق ؛ سحبت وأعيدت إلى رام الله في الإحتياط تحت قيادة لواء المشاة الثالث ؛ وعين الرئيس أديب القاسم قائدا لها.
وقام الرئيس محمود الموسى بإعادة انتشار قواته في مفارز بأحجام مختلفه حسب حاجة كل موقع من مواقعه. واحتفظ بإحتياط مناسب للقيام بهجمات معاكسة. وفي يوم 25 أيار : أمر وحداته أن تخلد إلى الراحة. وفي منتصف تلك الليله هاجمت قوة من الهاجناه والبالماخ باب النبي داوود للمرة الرابعه ؛ بنيران مساندة من جبل صهيون ؛ وفي نفس الوقت قامت وحدة الهاجناه في الحي اليهودي بالتقدم نحو باب النبي داوود وتمكنت قوة من البالماخ من الوصول إلى الباب ؛ واستخدمت قنابل حارقه أشعلت النار في البرج.
وفي يوم 26 أيار: تمكن عبد الله التل من إيصال فئة مدرعات مارمن-هارنجتون مسلحتين بمدافع من عيار 2 رطل ؛ ورشاشات براونينج متوسطه إلى داخل المدينة القديمه تحت أمر محمود الموسى. ونشر الموسى إثنتين منها في باب النبي داوود ؛ لتغطية البرجين ؛ والثالثة لتغطية باب الخليل ؛ وأمرها بمشاغلة الهاجناه في الحي اليهودي برماية متقطعة ؛ وعلى المدينة الجديدة حيث تشاهد العدو. وعندما بدأت المدرعات بإطلاق النار ؛ بدأ الرئيس بركات الخريشا وسرية منكو الأردنيه بشن هجوم على الحي اليهودي واقتحموه بسرعة فائقة واحتلوا عددا من البيوت ؛ ودمروا بيوتا أخرى بواسطة فرقة تدمير من الجهاد المقدس ح التي زودتها كتيبة المشاة السادسة بمتفجرات حديثة. وبدأ الحصار يضيق ويغلق حول الحي اليهودي في القدس القديمه ؛وخلال تلك الليله قامت قوة البالماخ بالهجوم السادس على باب النبي داوود ؛ ولكنها صدت بقوة من قبل حضيرة من نشامى سرية الأمن الأولى الأردنيه.