الانطباع السائد عربياً أن أميركا لا تقدم عرضاً للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين إلا إذا وافقت عليه إسرائيل سلفاً ، وبالتالي فإن الوسيط الأميركي إنما يفاوض طرفاً واحداً هو الطرف الفلسطيني ليقبل بالعرض الأميركي المصنوع في إسرائيل. ومن هنا امتد اجتماع كيري – عباس في عمان لمدة خمس ساعات متواصلة.
كيري يحاول بكل لطف إقناع إسرائيل بقبول المبادرة العربية كأساس لأنها أعطت إسرائيل كل شيء شريطة الانسحاب من الاراضي المحتلة ولكن إسرائيل رفضتها قبل عشر سنوات. ويحاول إقناع الفلسطينيين عن طريق وعود بتقديم مليارات الدولارات لإنعاش الاقتصاد الفلسطيني وخلق حالة ازدهار تسهل تمرير الحلول المرة.
هذا في جانب الجزرة ، أما العصا فلا تستعمل إلا مع الفلسطينيين ، حيث يمكن تهديدهم بوقف الدعم المالي الأميركي والانسحاب من العملية السلمية ، وأما إسرائيل فلا يمكن التعامل معها إلا بالمزيد من الجزر!.
وزير الخارجية الأميركي جون كيري متفائل بأنه سينجح في تحقيق المعجزة والحصول على جائزة نوبل للسلام ، ولكن هل بنى تفاؤله على حقائق أم تمنيات ، وهل استوعب أسباب فشل المحاولات السابقة.
عندما يأتي الوزير الأميركي إلى الشرق الأوسط للمرة السادسة فلا بد أن يكون في جعبته شيء جديد يمكن أن يقبل به الطرفان ، وهي مهمة صعبة لسبب بسيط ومعروف وهو أن الجانب الفلسطيني لا يستطيع أن يقدم كل التنازلات التي تطلبها إسرائيل ، والجانب الإسرائيلي لا يرغب في تقديم (تنازلات) تكفي لتلبية الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية.
نطرياً يستطيع الوسيط الأميركي أن يحاول تقريب وجهات النظر بين الفريقين بحيث يمكن أن يلتقيا في منتصف المسافة بين الموقفين ، ولكن هذا ما حاوله الوسطاء عبثاً خلال 46 عامأً بضمنها 20 عامأً من عملية السلام.
كيري أعلن فعلاً أن الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني يقتربان ليس من الحل فهذا هدف بعيد المنال ، بل من استئناف التفاوض. أي أن الهدف هو التفاوض من أجل التفاوض. وكان على كيري أن يقـول أن إسرئيل أوقفت أو جمدت الاستيطان ، ولذا يمكن أن يبدأ التفاوض لترتيب العلاقات المستقبلية بين إسرائيل والدولة الفلسطينية.
إسرائيل دولة محتلة في عصر لم يعد فيه احتلال ، وإذا ارادت أميركا حلاً فيجب أن تآمر إسرائيل بالانسحاب دون شروط.
المشكلة أن إسرائيل هي التي تأمر أميركا وليس العكس.
الرأي