دروس مستفاده من دول الجوار2 (مصر العزيزه)
أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
20-07-2013 01:31 AM
د. هيثم العقيلي المقابله
نائب عميد كلية الطب
عادة لا ارغب بمناقشة الاوضاع الخارجيه الا بقدر تأثيرها بالاردن و احاول الاحتفاظ برايي و رؤيتي باعتبار انها لن تقرأ او يؤخذ بها من مواطني و مسؤولي تلك الدول. لكن النقاش الحاد على صفحات التواصل الاجتماعي و الاعلام بخصوص الاحداث في مصر الحبيبه و التفاعل العربي العام معه مثير. و هذا بالتأكيد ليس مستغربا, فمصر هي مركز الثقل العربي و اهم نقطة ارتكاز علاوة على انها المصدر الاهم للتنوير العربي.
و لاكون صريحا فان لي نظره خاصا لمصر في القرن الماضي و قد تكون نسبيا سلبيه و الخصها بان جميع الاحداث التاريخيه المهمه و الانتصارات التي حققتها مصر لم يكن فيها القائد مصريا قبل عبدالناصر, كما ان المصريين تجاهلوا بشكل دائم انجازات و مساعدات الاخرين لهم. و هذا نلحظه بشده في حرب 73 و التي يتجاهل فيها الاعلام المصري اي دور سوري او عربي برغم انه كان كبيرا و بكل المقاييس. و قد يجهل الكثيرون ان صحيفة الاهرام مؤسسها سوري لبناني و ان احد اهم الاحداث في حرب 56 و التي كان لها دور في نتيجة المعركه قام بها السوري جول جمال عندما اغرق درة البحريه الفرنسيه و حتى (الفن) المصري كان لللبنانيه بديعه مصابني الدور الاكبر فيه. لكن كل ما سبق لا يقلل من اهمية مصر ككيان كبير و مؤثر و لذا نجد كل هذا الاهتمام باحداث مصر الكنانه.
السؤال المهم جدا في ظل حالة الاستقطاب العربيه و المصريه بشأن عزل الرئيس هو لماذا يصر كل طرف على تخوين و الغاء و اقصاء الاخر تحت مختلف المبررات تبدأ بالصندوق الذي لا اعتقد كلا الطرفين مؤمن فيه بقرارة نفسه و مرورا بالدستور الذي ينتهك في بلادنا العربيه عدة مرات في السنه الواحده و انتهاءا بشرعية الصندوق او الشعب الذي في اغلبه اما مغيب او سلبي او متقلب وفق مصالح ضيقه و خاصه.
في بريطانيا و في نيوزلاندا لا يوجد دستور بل قانون دستوري و اعراف و قياسات دستوريه و مع ذلك نرى ديموقراطيه مريحه و تشارك و تداول سلطه دون سعي اي طرف للاستئثار بالوطنيه و الحقيقه و طرد الاخر.
الديموقراطيه هي ذهنيه متكامله تبدا بالصندوق و تمر في كل تفاصيل الحياه اليوميه و اساسها المشاركه الحقيقيه و ارساء المؤسسات و تمتين هيبة القانون و هدفها العدالة الاجتماعيه و مصلحة الدوله و الشعب و ليس مصالح فرد او حزب او جماعه دون اقصاء او الغاء او تخوين.
ليس منا من يستطيع ان يطعن بوطنية الدكتور مرسي او صباحي او السيسي او ابو الفتوح او عمر موسى او غيرهم (هنا استثني البرادعي) و ان كان لاي كان الانتقاد فهو للاجتهاد و الاداء دون تخوين. فحتى مبارك رغم انه تعمم في عهده الظلم و الفساد و لكن لا ننكر انه يحسب له مواقف وطنيه ليست بسيطه.
ما اردت قوله ان الاخوان استعجلوا الوصول و الاستئثار بالسلطه في ظل مشاكل اجتماعيه و اقتصاديه لن يقدر اي فريق او حزب لوحده من حلها و لم تكن جهودهم للمشاركه الحقيقيه مع الاخرين حقيقيه فكيف تتشارك مع طرف تعتبره ملحدا او خائن. اما الطرف الاخر فهو لم يعطي و لو فرصه بسيطه للطرف الاول للعمل او النجاح. و هذا يقودنا الى ان الطرفين ما زالوا غير قادرين على قيادة مصر في مرحلتها الانتقاليه و لا بد ان يجلسوا معا ليتفقوا و لو على 40% و التي قد تكون كافيه لانقاذ مصر.
الذي سمح للفلول و للبرادعي و الزند بتصدر المشهد هو محاولة الاخوان الاستئثار بالسلطه و عدم رغبة الرجال الوطنيين امثال صباحي و ابو الفتوح بنجاح الاخوان. و بالمناسبه فان الثوره على مبارك لم يقم بها اي من هؤولاء بل قامت بها مجموعات كبيره من شباب الطبقه الوسطى غير المسيسين و هم لم يقوموا بها ليوصلوا الاخوان او حمدين او غيرهم للسلطه. الهدف كان الانتقال لمصر اقل فسادا و اكثر قوه و عداله اجتماعيه.
درسنا المستفاد هو المثل الشعبي الفلاحي القديم و هو القدر (الطنجره الكبيره) بركب على ثلاث و القفه ام اذنين بيشلوها اثنين. اي ان لكل طرف او فرد او حزب او مكون دوره بالنهوض بالبلد و الحفاظ عليها و ان الاقصاء و التهميش و الالغاء و احتكار الحقيقه و الاستئثار بالوطنيه لن يقود الا الى اضعاف البلد و ضياع هيبة القانون و الصراعات على مكاسب فئويه او جهويه او فرديه هي اقل بكثير من حصة اي من هؤولاء لو اتفقوا و تشاركوا في خدمة بلادهم.
د. هيثم العقيلي المقابله
ناشط سياسي و اجتماعي/جرش