المفروض في اقتصاد نام كالاقتصاد الأردني أن يرتفع الإنتاج الصناعي بمعدل لا يقل عن 5% سنوياً، ولكن الإحصاءات تقـول إنه لم يرتفع إلا بنسبة 32ر1%، أي أن هناك مشكلة صناعية تعوق النمو الطبيعي المنتظر. وإذا أخذنا بالاعتبار أهمية القطاع الصناعي وكونه صاحب أعلى مساهمة في الناتج المحلي الإجمالي، فإن النظر في المشكلة وعلاجها تصبح ضرورة عاجلة.
صحيح أن سبب الانخفاض يعود إلى تراجع قطاع التعدين وقطاع الكهرباء، ولكن حتى قطاع الصناعة التحويلية لم يسجل نموأً يزيد عن 3ر3 بالمائة، وهذا نمو إيجابي، ولكنه غير كاف، ودون التوقعات، ومن شأنه تخفيض حصة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي.
ما سبب تعثر الصناعة الأردنية؟ ولماذا اضطرت لخفض أسعارها بالرغم من أن معدل التضخم العام في الاقتصاد الوطني يناهز 7%؟.
من الواضح أن الصناعة الأردنية واقعة تحت الضغط، فمن جهة ترتفع تكاليفها نظراً لارتفاع اسعار المحروقات والكهرباء والأجور، ومن جهة أخرى تتعرض لمنافسة غير عادلة من جانب مستوردات بعض الدول التي عقد الأردن معها اتفاقات تجارة حرة سابقة لأوانها.
من حيث المبدأ فإن الانفتاح وحرية التجارة بين الدول أمور مرغوب فيها، ومن شأنها استفادة جميع الاطراف، وتمكين البلد من التخصص في المنتجات التي يمتلك فيها ميزات نسبية. لكن المشكلة أن الأردن دخل في اتفاقيات تجارة حرة مع بلدان متفوقة صناعياً، بحيث أصبح التبادل التجاري في اتجاه واحد، فالسلع الأجنبية تجتاح الأسواق الأردنية، والصناعة الأردنية لا تستطيع المنافسة لا في سوقها ولا في الأسواق الخارجية، والعجز في الميزان التجاري يتفاقم.
يزيد الطين بله أن الأردن لم يتردد في عقد اتفاقات تجارة حرة مع بلدان تتمتع صناعاتها بالدعم الكثيف مثل تركيا أو السعودية، مما تعجز معه الصناعة الأردنية عن دخول أسواق تلك الدول او الدفاع عن حصة عادلة في السوق المحلية.
نفهم أن يعقد الأردن اتفاقية تجارة حرة إذا كانت تتضمن مراعاة ظروف الأردن الموضوعية، فالتبادل مع دول متقدمة مثل أميركا وكندا وأوروبا يجب أن يكون مشروطأً بشروط تفضيلية، تعوض الاردن عن ميزان تجاري مختل بشكل صارخ.
في الأردن مشكلة صناعية تستوجب الدراسة والحل، ولا يجـوز تجاهلها، وكأن الأمور تسير في مجراها الطبيعي.
الرأي