حتمية هيكلة منظومة التعليم
فيصل تايه
18-07-2013 03:09 AM
نعي تماما أن الأمم لا ترتقي إلا بالعلم فهو المدخل الحقيقي لأي تطور أو تحديث تنموي يشمل مختلف جوانب الحياة .. ولأننا مهتمون اهتماما كبيرا بإعادة هيكلة منظومة التعليم وآليات عملها هيكلة جذرية شاملة .. على كافة الصعد بدءًا بمكاتب الوزارة وانتهاءً بالمدرسة.. ذلك ما يمكننا من بناء مجتمع تربوي جديد يحمل ثقافة الولاء للوطن والمهنة ويعززها بعيدا عن الولاءات الضيقة للمسؤولين المتنفذين والشخوص الزائلين .
ان مسارنا التعليمي التربوي بلا شك أصبح يعاني من قصور واختلالات في المدخلات والمخرجات أيضاً .. ليس داخل اقبية الوزارة ولا داخل ردهات المدارس بل وعلى مستوى التأهيل بدءًا بخريجي المهن التعليمية في الجامعات وانتهاءً بالمناهج والوسائل وطرائق التدريس النمطية البالية التي لا تلبي متطلبات الألفية الثالثة وروح العصر الحديث.. ما يدعونا إلى الحاجة لتصحيح وتقويم مسار التعليم ومنظومته من جميع جوانبها .
إننا في الأردن عمدنا الى بناء منظومة وطنية تربوية تعليمية متميزة عمرها من عمر الأردن قامت على سواعد الشرفاء من أبناء هذا البلد الطيب بأهله فشهد لها القاصي والداني حيث ساهمت في بناء منظومة تربوية عربية وعملت على تصدير الخبرات والكفاءات الى مختلف دول الجوار عندما كانت تلك الدول مازالت تحبو حبواً على ركبتيها نحو بناء قدراتها التربوية والتعليمية .. في الوقت الذي كنا نتغنى ونفخر بمنجزاتنا التربوية العظيمة والتي وضعتنا في مقدمة الدول من حيث الكفاءات والخبرة .. ولكن الاختلالات التي حصلت في السنوات القليلة الماضية وعدم محافظتنا على منجزاتنا وتصدع منظومتنا القيمية واستهتار المسؤولين بسبب القرارات العشوائية، وعدم رسم السياسات المرتبطة بحاجاتنا .. إضافة إلى ابتعادنا عن التطبيق الصحيح الذي يضمن أثرا ايجابي لمجمل احتياجاتنا التربوية .. وافتقارنا إلى التخطيط غير المواكب لروح العصر ومعطياته المتجددة.. ذلك ما أوصلنا إلى ما نحن عليه ، لذا لابد من إعادة صياغة جديدة ومتطورة ومواكبة لروح العصر ومتطلباته الحديثة خاصة في مجال المناهج والإدارة المدرسية المتمرسة القادرة على الإبداع والعطاء.. مع الاهتمام بالكادر التربوي المعد اعداداً علمياً وتربوياً جيداً.. وهذا يتطلب إيجاد كليات تربوية متخصصة ضمن معايير وشروط للقبول تؤدى إلى إيجاد منتج نوعي قادر على التعاطي مع العملية التعليمية التعلمية داخل الغرف الصفية بكل همة ومسؤولية .. ولابد أيضا من استحداث البرامج والمناهج التدريبية التي تقوم على تأهيل المعلمين بشكل يمكنهم من اداء رسالتهم بشكل تام .. فنحن بحاجة ماسة لكوادر علمية تربوية مبدعة قادرة على المواكبة والعطاء العلمي الإبداعي.. وهذا لن يتأتى في ظل اختلالات وقصور المناهج ، والممارسات الإدارية العشوائية، والقرارات والتعيينات المستندة إلى المحسوبية المقيتة .. وهنا تكمن الكارث التي تقف حجر عثرة أمام أيه توجهات إصلاحية .
.
أعود إلى القول أن إعادة هيكلة التعليم مرتبط ارتباطاً وثيقاً بإعادة هيكلة نظام وفلسفة المنظومة التعليمية التربوية وإصلاحها بدءاً بالوزارة المركز وانتهاءً بالمديريات وإدارات المدارس.. وهذا لن يتم الا بقرار وإرادة قويه.. وان علينا ان ندرك ان الزمن يسابقنا، ونحن مازلنا نبحث عن الارتقاء وظيفيا والبحث عن ارفع المراتب ونتسابق من اجل المنصب ..
وأخيرا يجب ان نقر ونعترف ان هناك تداخلات وتجاوزات في شؤون التعليم ، ولابد من وضع ضوابط وشروط ومعايير محددة تضبط عملية إصدار القرارات والتعينات والتشكيلات.. بعيدا عن الدكترة والشهادات الشكلية العليا فالمسألة اليوم باتت تتطلب الكفاءة والخبرة والجرأة والمعرفة .. بعيدا عن الفوضوية والاختلالات الميدانية ، او الصراعات الكيدية بين الكوادر التربوية المؤهلة المبدعة والكوادر االمتسلقة والوصولية .. وانتهاج سياسة الرجل المناسب في المكان المناسب، بعيداً عن الأهداف والولاءات الضيقة، والنظرة المصلحية المقيتة..
أملنا كبير بمعالي الوزير الدكتور محمد الوحش .. مباركين له خطواته الإصلاحية وقراراته الشجاعة المتعلقة بإعادة هيكلة الوزارة ومنظومة التعليم في كافة مستوياتها وقطاعاتها على أسس علمية حديثة مواكبة لروح العصر وتقنياته حتى نستطيع بناء اردن تربوي جديد.. بناءً علمياً وحضارياً راقياً..