د. بكر خازر يكتب : معادلة معقدة
17-07-2013 08:05 PM
اعداء واعدقاء واصدقاء الشر ضمن دين السلام الواحد
د. بكر خازر المجالي
دخل الاسلام حسابات المصالح دون اعتبار لأي رحمة او محبة او تسامح او اخوة في الاسلام ... لقد اسقطت الاحداث الجارية هذه المفاهيم جميعا وأصبح الاسلام يدخل مسمى أي تنظيم دون اعتبار للمعنى والجوهر ،بل اصبح اداة سياسية من مظاهر مستخدميها شكل اللحية او الثوب ونمط اللفة او غطاء الرأس .. لقد اصبحنا في دوامة البحث عن تعريف للاسلام الجديد الذي يتقاتل في ارض سوريا والعراق ومصر ، وهل نصل الى حالة التفريق بين مصطلح اسلامي من جهة ومسلم من جهة اخرى ؟؟ هل معنى ( اسلامي ) الارتباط بالعنف والتمرد والقتل والتفجير والعدوانية وان الاسلامي رديف للحزبية الدينية ؟ وهل معنى ( مسلم ) هو الانسان الطبيعي الذي يعرف احكام الاسلام ويعي مفهوم الاعتدال والوسطية وفهم الاخر والحوار والالتقاء مع كل الديانات عند ثوابت الحياة الاساسية في الصدق والمصداقية والوطن والمواطنة .
لا يمكن للقارئ لحوادث الساعة اليومية الا وان يتعرض للتشتيت والارباك الفكري ، وهو يحاول بناء معادلة تفسر الحاضر ، كان الغزل السياسي والديني قائما بين الاخوان المسلمون وحزب الله الى فترة قريبة ولكن نرى تضارب الاتجاهات بين مؤيد لنظام سوريا ومعارض له والدخول عمليا في صراع قتالي ميداني ننائجه القتل والتدمير اليومي ،والسؤال أي اسلام منهم على حق ؟ اسلام حزب الله ام اسلام الاخوان المسلمين ؟ وكذلك الامر مع جبهة النصرة وتنظيم القاعدة فقد كانوا احبابا ومتحدين ضد هدف واحد ، ولكن لنرى مرحلة الصراع بينهما والقتل ولاغتيالات تأخذ حيزا على الساحة السورية ،وانتقل الامر الى مصر التي تعاني من صراع سياسي عقائدي ، بين الشعب المسلم نفسه ، بين من هو مسلم طبيعي واسلامي سياسي متحزب ، والصراع محتدم يتأرجح بين حل سياسي لا يمكن التكهن بزمن حدوثه وبين صراع قد ينفجر في اقرب لحظة .
ليس القول هنا ان هذا على حق وهذا على غير حق ؟ وليس القول ان جهات خارجية تؤدي دور العراب في كل صراع هنا او هناك ، وليس القول اننا امام تنظيم عالمي بعيد عن مفهوم الوطن والمواطنة وكأنه يلتقي مع الاصولية اليهودية التي ترفض قيام دولة يهودية ، فهل تلاقت الافكار على حساب سيادة الدولة - أي دولة -؟ وهل نحن نسير أو كما يريد هؤلاء ان نسير باتجاه دولة الخلافة بنمط ومفهوم جديد كطريقة او نهج يلغي كل الانظمة القائمة مع اختيار عاصمة للخلافة قد تكون القدس او مكة المكرمة ؟ وكيف نرى هذا النهج في ظل وحدة الهدف عند قيادات اختلف علينا مشاربها وارتج فهمها ومدى تأثيرها وقبولها وتسير جزافا في هذا المسار دون اعتبار للارادة الشعبية الشاملة والاكتفاء بحشد قائم يلاقيه حشد مضاد بذات القوة بأقل أو أكثر دون الخروج بنتائج حاسمة ؟
في ظل تعدد واختلاف الولاءات ، والاختلاف اصلا بتطبيق مفهوم الاسلام وتوظيفه للشر اكثر من فعل الخير ، وايضا مع تغليب المصالح على فكرة الدين ، وسيطرة مفهوم المصالح السياسية وتغييب مبادئ الاسلام وتعاليمه ، واضفاء الميكافيللية على الاسلام ، وما نسوقه هو من الواقع الذي يفرض نفسه الان وليس اجتهادا ، في ظل كل ذلك نتوجه بنداء للعالم ان يساعدنا ببناء معادلة للعلاقات الاسلامية واستخراج نقاط اتفاق والتقاء بين السنة والشيعة والنصرة والقاعدة وفتح الاسلام والنور والعدالة والاخوان المسلمين وجيش محمد وجماعات التكفير واخرين لا نعلمهم وقد يظهرون باي فترة وبشكل ما ، قد يخرج قائل لماذا هذا الهراء والاسلام كدين والقرآن الكريم كدستور حياة فيهما ما يكفل نظام العالم وتنظيم امره وصيانة سلامته ، ونحن بدورنا نقول نعم وهذه قناعتنا ولكن الواقع الذي يقوده الانسان بعيد عن كل ذلك .
نتوجه للعالم لاننا في حالة ارباك يسيطر على المسلم المعتدل العابد لله الذي ما عرف حزبا او تنظيما ويحاول ان يكون رائدا في نبذ الطائفية وموجها نحو الخير الاصيل وداعيا لسلامة المجتمعات وأمنه واستقراراه ومؤمنا بان الكل راع والكل مسؤل عن رعيته وهذا لا يتحقق الا بالاعتقاد بوجود القيادات العادلة والقناعة بان الاسلام هو من يدعو الى حب الوطن وتعزيز مفهوم المواطنة وتأكيد سيادة الدولة في ظل الكرامة والعدالة .
ان ما يجرى على الساحة العربية يدخل كل يوم في نفق اكثر ظلمة وظلامية من يومه السابق ، وهو يريد ان يكون كل العالم العربي معه في هذا النفق وهناك حسد واضح لبعض دول الاعتدال والوسطية والامنة والمستقرة وسط محاولات لا تنقطع لزعزعة هذا الامن وبث الفوضى لتعويم معادلة الشر ليكون الكل شريكا بجريمة لا يمكن تحديد الجلاد والضحية فيها بعد ، مع استغلال ممنهج لمن غاب عنهم مصلحة الوطن العليا والذين لن يدركوا جريمتهم الا بعد ان يروا تدمير وطنهم باسهاماتهم وهنا سيستريح اؤلئك الساعين بعد نجاحهم بزرع الفتنة ويتحولون الى متفرجين يستمتعون بمشهد القتل والخراب لمجتمع جديد نجحوا في جره الى هاوية الفتنة والقتل .
هل آن الاوان لنعرف كيف نقرأ معادلة الشر والقتل والفتنة باسم الاسلام وغيره ؟ هل نفتح الاذان لما يقال عنا من مثقفي وكتاب العرب والغرب وغيرهم الذين يرون في الاردن نموذجا يحتذى في الامن والاستقرار ؟ هل لنا ان نرتب اولوياتنا التي تضع المواطنة والامن والاستقرار ومحبة الوطن والحفاظ على مصالحه وسيادته قبل اي امر تكتيكي يتعلق بحياتنا اليومية المعيشية تلك التي تفرضها الظروف علينا ؟؟
هل يمكن ان نفكر ببناء معادلة تأتينا باستنتاجات للوضع حولنا لنعرف اين نحن نقف ؟
ومن ثم لو اصبحنا نحن جزءا من معادلة الشر هذه : فمن يكسب ومن يخسر ؟؟ ومن هو الضحية سيكون من بيننا ؟ ومتى يمكن لسيل الشر ان يتوقف وعند اي حد ؟؟؟