الحسابات الختامية ومجلس الأمة
د . خالد الوزني
17-07-2013 04:18 AM
ضمن التعديلات الإصلاحية التي تمت على الدستور في عام 2011 تم تعديل المادة 112 ضمن الفصل الثامن الخاص بالشؤون المالية، بحيث ألزمت تلك المادة في فقرتها الأولى الحكومات على ضرورة تقديم الحسابات الختامية للدولة في نهاية ستة أشهر من انتهاء السنة المالية السابقة. وهو تعديل نوعي يعطي مجلس الأمة للمرة الأولى الحق في الاطلاع على حقيقة التصرف بحسابات الدولة خلال فترة العام المنصرم. والميزة الأساسية هنا تكمن في أن المجلس الحالي هو أول مجلس يطلع على حقيقة التصرف بالمال العام خلال عام 2012 مقارنة مع الموازنة التي صادق عليها المجلس السابق. هذه الأداة النوعية لمراقبة إدارة المال العام تعني الرقابة على كيفية تصرف الحكومات بالمال العام بعد تمرير الموازنات العامة.
الحسابات الختامية هي ببساطة حقيقة الصرف خلال العام المنصرم، فالموازنة العامة هي مخصصات صرف وفق بنود محددة يوافق عليها مجلس الأمة بشقيه (النواب والأعيان) بناء على قانون الموازنة العامة، ولهذا يُعتبر مجلس الأمة آمر النفقة، وبمجرد الموافقة على الموازنة وصدورها في الجريدة الرسمية كقانون تتحول الى آمر الصرف، الحكومة بكافة دوائرها وتحت إشراف وزارة المالية، ليتم الصرف بناء على تلك المخصصات. بيد أن من يطلع على قانون الموازنة يجد فيه من البنود والصلاحيات ما يجعل المناقلة بين بند وآخر واستحداث بنود طارئة أمر ممكن. وهنا تأتي أهمية الحسابات الختامية التي توضح كيف تمت تلك المناقلات ولمن وعلى حساب من، وهل تم الالتزام ببنود الموازنة من دون مخالفة وما هي حقيقة العجز المالي في السنة المنصرمة، والكيفية التي فيها الصرف والمناقلة. وعليه فالحسابات الختامية للدولة فرصة مهمة لمراقبة أداء المال العام، وهي لا تقل أهمية عن إقرار الموازنة، وفي رأيي أن العبء الأكبر يقع على المجلس الحالي في إثبات أنه جاد في مراقبة أداء المال العام، فهو أول مجلس منذ بداية الحياة النيابية في المملكة الذي ستُعرض عليه الحسابات الختامية وفق تفويض دستوري واضح. والأمل أن لا يضيع هذا المجلس تلك الفرصة وان لا يتعامل معها بشكل تقليدي، كما الحال أحيانا في تقارير الرقابة الأخرى. فرصة مجلس النواب الحالي أن يأخذ الحسابات الختامية محمل الجد وأن يستعين بمختصين لمساعدته في تحليل الحسابات الختامية، وأن يتعامل مع اي تجاوزات، إن وجدت، بجدية وحزم وبمساءلة شديدة. وخلافا لذلك فلن يكون التعديل الدستوري المشار إليه إلا ديباجة ويكون المجلس الحالي وضع سابقة في التنازل عن حقه في مراقبة أداء الحكومة حول الموازنة الحالية التي اقرها منذ شهرين فقط، ومن المفروض أن تُعرض عليه حساباتها الختامية مع نهاية شهر حزيران من العام المقبل، فإن أحسن المجلس التعامل مع الحسابات الختامية لعام 2012، صعب على الحكومة التصرف بموازنة 2013 خارج الإطار المقبول. بقي سؤال واحد هنا وهو هل قامت الحكومة بتحويل الحسابات الختامية الى مجلس الأمة قبل نهاية شهر حزيران الماضي أم لم تلتزم بالاستحقاق الدستوري؟
kwazani@alarabalyawm.net
العرب اليوم