مما يثير الانتباه أن يأتي تقرير مؤسسة التصنيف الدولي (موديز) حول الاقتصاد الأردني باتجاهين مختلفين ، فقد تم تخفيض درجة الملاءة الائتمانية للسندات الحكومية بالعملة الأجنبية في حين جرى تحسين صورة المشهد المستقبلي للاقتصاد الأردني من (سلبي) إلى (مستقر).
موديز لم تترك هذه المفارقة دون تفسير ، فقد أوضحت أن تخفيض درجة السندات السيادية الأردنية يعود لارتفاع حجم الدين العام وضخامة العجز في الموازنة ، مما يهدد بارتفاع نسبة المديونية إلى 90% مع نهاية العام القادم ويؤثر على قدرة البلد على التسديد في المدى المتوسط أو البعيد ، أما تحسين توقعات المستقبل من (سلبي) إلى (مستقر) فيعود ، كما تقول الوكالة ، لكون الحكومة الأردنية ملتزمة ببرنامج جيد للإصلاح الاقتصادي والمالي ، يبدو أنها جادة في تنفيذه.
موديز تحذر أيضاً من أن احتمال تحسين الصورة المستقبلية من (مستقر) إلى (إيجابي) مستبعد في الظروف الراهنة ، وأن العودة إلى (سلبي) واردة إذا لم تقم الحكومة بما يجب عليها القيام به لوضع الأمور في نصابها. بعبارة أخرى فإن موديز تسلف الثقة للحكومة وتنتظر النتائج ، وعلى هذا فإن مستقبل الاقتصاد الأردني يتراوح بين الاستقرار أو التراجع ، وتتوقف النتيجة على ما سوف تقوم به الحكومة من إجراءات تعرفها جيدأً ، وتعلن عنها مراراً وتكراراً ، ولكنها لأمر ما تؤجل تنفيذها ، فالحكومة جريئة وحازمة وخشنة في تصريحاتها ، ولكنها مترددة وضعيفة وناعمة عندما يأتي وقت التنفيذ ، مع أن العكس هو المطلوب ، أي أن تأخذ الحكومة القرارات الصعبة في ظل تصريحات ناعمة ومطمئنة!.
الأمر لا يتوقف عند رفع أسعار الكهرباء الذي أصبح أشبه بقصة إبريق الزيت ، لها بداية وليس لها نهاية ، فالحكومة تعلن عن حتمية القرار ، ومظاهرات شعبية تنادي بعدم رفع الأسعار ، وعمليات تسويق شاقة بالاتجاهين ، ولا شيء يحدث على أرض الواقع. وبذلك تدفع الحكومة الثمن من شعبيتها عدة مرات.
هناك أيضاً عجز الموازنة العامة الذي يبدو أنه يتفاقم ، وارتفاع المديونية التي تجاوزت الخطوط الحمراء ، والأهم من ذلك كله إعادة فرض هيبة الدولة والقانون ، ووضع حد لحالات الميوعة من جانب السلطة والابتزاز من جانب الطامعين ، وهذا ما تعهد به الرئيس وبدأ بتطبيقه ، ولكنه ليس متعجلاً.
توسيع الحكومة مؤجل لما بعد قرار الكهرباء ، وجزء من قرار الكهرباء مؤجل لما بعد رمضان ، وجزء آخر مؤجل لما بعد نهاية السنة!!.
الرأي