مثقفون : رمضان فرصة لترسيخ مفاهيم التسامح والتراحم
17-07-2013 03:16 AM
عمون - تيسير النجار - يتفق مثقفون اردنيون على ان أجواء رمضان الروحانية والإيمانية تعطي الإنسان عموماً فرصاً نادرة لاستعادة شيء من توازنه الروحي، وتقوية مناعته النفسية في مواجهة ضغوطات الحياة اليومية .
ويقولون لوكالة الانباء الاردنية (بترا) ان شهر رمضان فرصة مهمة للمبدع ليعيد شحن وجدانه وتعزيز العلاقة الروحية والوجدانية بينه وبين المجتمع والأماكن والأشياء والبحث عن اجابات لاسئلة الحيرة والقلق والابداع.
يقول مساعد أمين عام منتدى الفكر العربي الاديب كايد هاشم ان اجواء رمضان تعكس على الحياة الاجتماعية بعضاً مما يتمناه المثقف عادةً من الألفة والتسامح والتكافل والحميمية الوجدانية والشعور الإيجابي تجاه الآخرين.
ويبين ان المثقف وهو إنسان أولاً وآخراً وجزء من الكينونة الاجتماعية الإنسانية يحتاج كسائر الناس بل بقدر أكبر قليلاً إلى فسحة زمنية بين وقت وآخر للاقتراب من ذاته والعودة إليها والانصراف إلى تأملاته، مستفيداً من خصوصية الحالة الرمضانية التي لا تتجلى في باقي الأشهر كما في هذا الشهر الكريم.
ويقول المدير التنفيذي لمنتدى الرواد الكبار الشاعر عبد الله رضوان إن برنامجه اليومي في شهر رمضان يختلف عما اعتاد عليه في باقي الاشهر ، فمثلا ساعات القراءة عنده عادة بعد العصر وقبل المغرب ،وهي مخصصة لديه لقراءة الإبداع الأدبي وبخاصة الرواية.
ويؤكد ان ايام رمضان تبقى مخصصة للقراءة لكنها تصبح خاصة بقراءة القرآن الكريم ومحاولة تدبره وفهم آياته كسلوك يومي متجدد، كما تاخذ الواجبات الاجتماعية قسطا من برنامجه لهذا الشهر الكريم لانه يرى فيه فرصة لزيادة صلة التراحم والتقارب بين افراد الاسرة والاقارب والاصدقاء والجيران، لافتا الى ان الشهر الفضيل هو شهر عبادة وثقافة دينية بامتياز.
استاذة النقد الحديث في جامعة البترا رزان ابراهيم تقول ان لرمضان أسلوبه المميز في استقبال تفاصيل الحياة، ففيه نلمس تغييراً لايقاع الحياة المعتاد وفيه دعوة الى الاصغاء بشفافية الى إملاءات الحياة، ذلك ان الصوم عبادة تهيىء الروح الى التخلص أو التخفيف من ضغوطات وازمات الحياة وتبقى متعة التواصل ضرورة نمارسها في رمضان لندرك من خلالها دفء العيش مع الآخرين ونفكر فيما يمكن أن نفعله من أجلهم .
وتقول : نحن في شهر رمضان نكون أشد حرصاً على التقرب الى الله سبحانه وتعالى من خلال كتابه الكريم، فهو بلا شك الكتاب المفضل في رمضان، إلا أن هذا لا يلغي إمكانية الاطلاع على المزيد من الكتب والابداعات الانسانية , فنحن مفطورون على تلقي العلم في جميع نواحيه، وهو ما يحث عليه القرآن الكريم في أكثر من موضع بدافع الارتقاء بنا إلى أفق أرفع من المعاني والتصورات.
ويقول الناقد موسى ابو رياش ان الشهر الفضيل يفرض إيقاعه الخاص والمميز على الجميع دون استثناء، وللأسف طغت احيانا العادة على العبادة، فافقدت الشهر الفضيل كثيراً من أجوائه الإيمانية والروحانية، فقد أصبح الشهر عند البعض موسماً للاستعراض والإسراف والنفقات الزائدة مشكلا لهم عبئاً لما يتطلبه من تكاليف ومتطلبات لا يقوى على مجابهتها والتغلب عليها أو التكيف معها.
ويضيف ان رمضان بالنسبة له فرصة للمراجعة ومحطة للتأمل وكسر للروتين وتغيير للمألوف، كما يتيح للمرء فرصة مراجعة ذاته لكسب جرعات إيمانية بدرجة عالية من الانسجام والسلام والإطمئنان الداخلي في دافعية كافية للإبداع لما بعد رمضان والاستعداد المناسب للكتابة والقراءة بشكل مميز مختلف.
ويؤكد ابو رياش ان رمضان في العادة استراحة من النشاطات الثقافية وتتراجع القراءة والكتابة نسبياً لصالح أمور أخرى مثل قراءة القرآن الكريم والاهتمام بالعبادات بشكل أكبر والحرص على التواصل الاجتماعي خاصة مع الأرحام والأقارب وسهرات الأصدقاء .
وترى الناقدة والاكاديمية الدكتورة حنان خريسات ان الانتاج الابداعي في شهر رمضان خجول باعتباره شهر العبادات والروحانيات ويكون العمل بهذا الاتجاه الروحاني من تلاوة وصلاة وصوم , ولهذه الروحانيات والعبادات الاولوية باعتبار هذا الشهر فرصة ثمينة تأتي مرة في السنة ليوثق الانسان علاقته بربه .
ويقول القاص خالد ابو الخير ان شهر رمضان بالنسبة له يمثل فرصة للعودة الى الطفولة، مشيرا الى انه كثيرا ما يستعيد في ايام الشهر الكريم مرابع طفولته في ماركا الشمالية ليتذكر اماكن واصحابا لم يعد لكثير منهم وجود الا في ذاكرته.
ويضيف انه لا زال يتذكر لحظات قبل ان يغمر الامكنة صوت اذان المغرب حينها كنا نتجه الى موائد اعدتها امهاتنا ونغرق في تفاصيل لحظة الافطار تلك اللحظة التي تظل بوصلة القلب كلما ناينا او اثخنتنا الحياة بمتطلباتها.
ويسترجع ابو الخير محال بيع القطايف والعصير التي تنتشر على الارصفة والحركة الدؤوبة للناس في الاسواق وجامع الحارة القديم وصلاة التراويح وسهرات على دوار ماركا ولقاءات تمتد الى سويعات السحور نناقش فيها كل شيء، بدءا من التطورات السياسية بالعالم وما تنتجه المطابع من ادب.
اما القاص احمد الغلاييني فيقول ان فضل الصيام على الكاتب والمبدع من وجهة نظره ان الصيام يطهر وينقي الجسد من الافكار المشبوهة والسوداء ويعمل على تصفية الذهن للتفكير والتأمل .
ويضيف : اما بالنسبة للصحفي والكاتب الصحفي والكاتب فانه يتعرض دوماً للضغوط والصوم يعلم تهذيب النفس ويعمل على تهدئة الاعصاب كما يتوفر اثناء الصيام وقت حيث يستطيع الكاتب او الصحفي ان يقضيه في الكتابة او الإبداع .
ويقول القاص محمد مشّة انه يوقف كل النشاطات الثقافية التي يمارسها خارج البيت ويتفرغ في الشهر الفضيل للعبادة وقراءة القرآن الكريم، مبينا ان لرمضان خصوصية ونكهة لا يمكن أن تعوّض في غيرها من الاشهر .
ويبين القاص رمزي الغزوي ان رمضان يعمل على استعادة المرء للحظات عالقة في ذاكرته مبينا أنه يثبّت لأطفاله هلالاً غمازاً واسعاً على شرفة البيت تحيط به نجوم لامعات ملونات يتناوبن على الإضاءة بتشكيلات مبهرة ومدهشة.
ويقول : لا يعيدني رمضان طفلاً واسع الخيال فحسب ، بل يعيد ترتيب أوراقي ويجدول مخططاتي ويشذب أفكاري وهو أحب الأشهر الى قلبي , ففيه لا يشتهي طعاما محدداً بعكس الأيام العادية بل يأكل ما يتاح له ولهذا يتخلص من بضعة كيلو غرامات إكتسبهن جسده من قبل , وفي رمضان يجد نفسه في البيت قريبا من العائلة .
ويضيف منذ ما يقرب العشرين سنة وأنا أخصص رمضان للبحث في القرآن الكريم وعلومه، فقد قرأت أغلب التفاسير المعروفة وحاورتها، وما زلت أقف طويلا كل عام عند تفسير الشعراوي رحمه الله، فهو يمزج الحياة بالتفسير بطريقة ذكية سهلة تنفتح على تساؤلات أكبر , وما زلت أتخذ من رمضان فرصة للبحث في مسائل تعلق بالذهن، كأصل كلمة ما، أو قصة أو حادثة ما.
وتقول الدكتورة شهلا العجيلي ان الشهر الفضيل يحمل خصوصيّة الاشتهاء لبعض أنواع الطعام التقليديّة الرمضانيّة، لاسيّما أطباق الأمّ التي كانت تعدّها للصائمين، وهذا ما كتبت عنه في روايتي (عين الهرّ) .
وتقول ان رمضان شهر القراءة بالنسبة إليها، وتلك عادة اعتادتها منذ رمضانات الطفولة، التي لم يكن التلفاز يعمل فيها قبل الثالثة بعد الظهر، لذا فمثلما يعدّ الناس مؤونتهم من الطعام والشراب لرمضان، كنت ومازلت أعدّ مؤونتي من الكتب، وهكذا يمرّ وقت الصيام بالقراءة، هذا فضلاً عن تلاوة القرآن الكريم، وختمه مرّة أو مرّتين في هذا الشهر الفضيل، وتلك من العادات المكتسبة من منزل الطفولة.
وتضيف : طالما وضعت برامج مخصّصة للكتابة في هذا الشهر الذي يتغيّر فيه روتين الحياة ، فيصبح الوقت أطول، وأصلح للإنجاز، فأخصّص الوقت بعد الإفطار إلى السحور لإنجاز بحث علميّ ما، فيكون قراراً حازماً بألاّ تضيع عليّ ليلة إلاّ وقد أنجزت موضوعا محدّدا.
ويستهل الشاعر محمد المعايطة حديثه مستشهدا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم : " كُلُّ عَمَلِ ابن آدم لَه إلاّ الصَوْم فإنهُ لي وأنا أجزي به " هذا ممّا صَحَّ عن النبي محمّد عليه الصلاة والسلام ..
ويقول ان للقرآنِ أيضاً نصيبا أكبَر من شهرِ القرآن , إذ تستدعي قراءة القرآن والغَوص في المفردات القرآنية على إعادةِ دَوْزَنَة اللغة , عندَ الكاتب قاصّاً كانَ أم كاتباً يميلُ لشعرٍ أو أدب ما ,فآياتُ اللهِ عزّ وجلّ خير مَنهلٍ للغةِ .
( بترا )