حرية صحفية من رحم المهنية
محمد نواف الدويري
17-07-2013 01:36 AM
سياسة الإبتزاز التي تواظب عليها بعض المواقع الإلكترونية الإخبارية ليل نهار أسقط عنها قناع المهنية وبتقدير إمتياز نظراً لما تتداوله دون أدنى مسؤولية من مسؤوليات العمل الصحفي المحترم الذي يفترض أن تواظب عليها، كما أسقطت عنها أقنعة الدقة والموضوعية اللتان تعتبران الأساس في أي مشروع صحفي وإعلامي وطني مجرد من أي تبعات ونزعات.
عبارات وعناوين مشبعة بشهوة الإنحياز لطرف على حساب الآخر وتحقيق المكاسب بعيدة كل البعد عن الحقيقة ولا تتناسب ولا بأي صلة مع الواقع فعنوانها بواد ومتنها بواد آخر وحقائقها في الأغلب مجهولة هذا إن لم تكن منقولة من مصدر آخر دون الإشارة أو حتى الإضافة عليه.
قرار الحكومة بحجب قرابة 290 موقع إلكترونيا إخباريا لم يكن جزافاً بقدر ما أعطى وجهاً آخرا أكثر نصاعة وتنظيماً للمهنة التي باتت مرتعاً لكل من أراد الخوض بها والرمي بإبتزازته اللامسؤولة شاملة الأخضر واليابس منتقدا أي إنجاز وطني وإن شابته المغالطات، فإذا كان قرار الحجب أساء لصورة الأردن أمام دول العالم كما يقول أحدهم ويتغنى بها ليلاً نهاراً فإن ما تنشره بعض المواقع المبتزة وبأقلام مأجورة يسيء أكثر وأكثر لصورة الأردن ومنجزاته المتراكمة ولشخصياته ليس فقط في الداخل وإنما في كافة الميادين الدولية بإظهار الأردن وكأنه دولة فساد ونهب وسلب.
هناك مواقع كثيرة تتناول الجرأة بمهنية والتغطية بدقة موضوعية عاليتين وبالعكس تعتبر مصدراً موثوقاً للمعلومات وعلى هذا الأساس تبني قاعدة جماهيرية لمتابعتها وتفرض نفسها وفقاً لهذه القواعد الثلاثة في عالم الصحافة، فالجرأة لا تعني الإساءة كما تعتقد الكثير من المواقع، وبالمقابل هناك مواقع إلكترونية إخبارية إعتادت الإساءة لتحقيق مكاسب مادية بحتة.
الإبتزاز واللامسؤولية في النشر لم تتوقف على منجزاتنا الوطنية بل تعدى ذلك الإساءة لإستثمارات يملكها أشقاء عرب في الأردن فما ما حدث مؤخراً مع شركة المعبر الإماراتية وإعلانها عن إعادة النظر بإستثماراتها في المملكة نتيجة تعرضها لحملات إعلانية ممنهجة خير دليل على الإساءة الواضحة التي تسهم بها بعض المواقع الإلكترونية الإخبارية وأصحابها.
لست بصدد تقييم المواقع الإلكترونية ولا من دعاة التضييق على حرية الصحافة فالصحافة المسؤولة هي أداتنا الرقابية ومنبرنا جميعا ومنبر الوطن للعالم، لكنني بصدد الدعوة إلى احترام أسس العمل الصحفي ومراعاة المسؤولية الوطنية ووضعها نصب أعيننا، فمراكز التدريب الإعلامي والصحفي عليها قبل أن تتوجه بدعواتها وتقاريرها الممولة حول حالة الحريات الإعلامية في الأردن للعالم عليها أن توجه قدراتها وإن كانت ممولة تجاه خلق بيئة إعلامية قوية منافسة تعمل وفق الأسس العالمية في المجال الإعلامي قبل إنتقاد حالات التضييق لنخلق بالتالي الحرية من رحم المهنية والدقة والموضوعية.