معشر العرب .. كفى سفكاً للدماء!
أ.د.فيصل الرفوع
15-07-2013 04:05 AM
« واتل عليهم نبأ إبني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين (27) لأن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يداي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين (28) فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين (30)»، صدق الله العظيم.
فحينما قتل « قابيل بن آدم» أخيه « هابيل» عليهما السلام ، وأراق دم أخيه بسبب «تافه» لم يكن بتلك العظمة ولا يستحق هذا الجزاء القاسي لأن يراق الدم لأجله. وهي اول حادثة قتل في التاريخ البشري. حينها لم يكن سيدنا « قابيل» يعلم بأن يكون لهذه السنة»بضم السين» مريدوها عبر الأزمان والعصور إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وإذا كان القتل وسفك الدماء إقترن عبر التاريخ، وفي أحيان كثيرة بالظلم والظلمات، إلا أنه يمثل في حالات معينة ومحددة، بينها الله عز وجل، إنتصاراً للعدل والعدالة والحرية ومعنىً للإنعتاق من الظلم والظلمات.
لقد شاءت إرادة الله أن تقع الوقيعة بين الآخ وأخيه « هابيل وقابيل» عليهما السلام، إلا أنه جل جلاله أراد أن يضرب للبشر المثل الفصل في مدى رفضه تعالى للقتل، وإزهاق الروح التي خلقها سبحانه فأحسن صنعها. وأن نستخلص، نحن بني البشر، العبر من هكذا أعمال مشينة تمس الحياة البشرية. ومن هنا جاء تأكيد الباريء عز وجل في كل الكتب السماوية المنزلة على وجوب الإبتعاد عن القتل والخراب وسفك الدماء، فقد بان ذلك جلياً في القرآن الكريم ، حيث قال تعالى في الأية 32 من سورة المائدة « من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس او فساد في الأرض فكأنما قتا الناس جميعاً» صدق الله العظيم.
وبالرغم من عدالة الله في السماء وحضها بني البشر على الإمتناع عن القتل، وذلك عن طريق أكثر من ثلاثمائة وبضعة عشر رسولاً، ذكر منهم في القرآن الكريم خمسة وعشرين نبياً، من بينهم اولي العزم الخمسه من الأنبياء – الرسل، عليهم جميعاًً الصلاة والسلام. إلا أن النفس البشرية بقيت على ضلالتها و سعيها لسفك الدماء وتوقها لقتل النفس البشرية التي حرم الله إلا بالحق.
فقبل الإسلام ونعمة رحابته، كانت ثقافة الغزو والسلب والنهب والسبي والإستعباد وهدر الدماء تمثل جزأءً من الحياة السائدة للعرب آنذاك وثقافتها . فقد تقاتلت قبيلتي «عبس وذبيان» أربعين عاماً بسبب سباق بين « داحس» حصان قيس بن زهير و « الغبراء» فرس حذيفة بن بدر، والتي عرفت بحرب « داحس والغبراء». وأزهقت في هذه الحرب العبثية والظالمة مئات الأرواح، في اللحظة التي كانت فيها العرب، عاربها ومستعربها، ساحة مستباحة للإمبراطورتين الفارسية والرومانية، وهو عين ما يحصل اليوم في حاضر العرب. حيث الدماء العربية تهدر صباحاً وتسفك مساءً، وعلى إمتداد الساحة العربية، في بغداد ودمشق وبيروت وطرابلس الغرب والقاهرة والخرطوم ومقاديشو، ناهيك عن الأمصار الإسلامية، و»الحبل عالجرار»، يحدث ذلك بكل حسرة ومرارة وأسف في سبيل السلطة والتسلط، او نيابة عن مصالح الدول العظمى وتحالفها غير المقدس مع الأجندات الشعوبية-الصفوية، و أحياناً يهدر الدم العربي من أجل اللاشيء.
بكل حسرة ومرارة يسفك الدم العربي، وبأيدي عربية، في اللحظة التي يقف فيها العالم، شرقه وغربه، مستمتعاً بسفك الدم العربي وشامتاً بإهداره، دون أن يحرك ساكناً للمساهمة في وقف الذبح الممنهج للإنسان العربي ، بل يسعى وبخبث إلى المساهمة في تنظيم إستمرار إهداره وسفكه !!!!. في اللحظة التي لا نجرؤ، نحن الأغلبية الصامته، أن نقول للنظام الرسمي العربي... كفى قتلاً لأرواحنا وسفكاً لدمائنا! ..
alrfouh@hotmail.com
الرأي