النهاية الغامضة لملفات فساد
فهد الخيطان
15-07-2013 04:02 AM
غادر المحكومان الرئيسان في قضية شركة "موارد" السجن قبل أيام، بعد أن أنهيا مدة المحكومية. لكن هل يعني ذلك أن الستار قد أسدل على ملف الشركة برمته، كما ذكر زميلنا في "الغد"، موفق كمال، في تقريره أمس؟ يبدو كذلك. فقد سبق النطق بسجن المتهمين ثلاث سنوات، اعتراف "مفاجئ" منهما بالتهم المنسوبة إليهما، وسبقته أيضا تسويات مالية على قضايا أخرى قيد التحقيق.
التسويات المالية إجراء يسمح به القانون، وتسترد بموجبه الخزينة الأموال من المتهمين. وقد جرت تسويات مشابهة خارج نطاق القضاء مع شخصيات أخرى على صلة بملف "موارد".
قضية ثانية على ارتباط بملف "موارد" تمت تسويتها أيضا مع أحد المتهمين الذي كان يقضي عقوبة بالسجن في قضية أخرى. وتفيد المصادر أن المتهم أعاد أموالا للخزينة قبل أن يُطوى الملف.
وفي قضية ثالثة حظيت باهتمام واسع وتتعلق بأمانة عمان، أوقف على إثرها مسؤول بارز لعدة أسابيع، انتهت القضية بقرار منع محاكمة، جرى التستر عليه لفترة طويلة.
القضايا المشار إليها أشغلت اهتمام الرأي العام الأردني، وفتحها كان مطلبا عاما بعدما فاحت رائحة الفساد منها، خاصة "موارد". وعندما أتُخذت إجراءات قضائية بحق المشتبه فيهم، اعتبر ذلك دليلا على جدية الدولة في مكافحة الفساد. بيد أن الطريقة التي جرت بها إدارة القضايا لا تتناسب أبدا مع مستوى الاهتمام الشعبي الذي حظيت به عند فتحها قبل ثلاث سنوات تقريبا. فقد افتقرت التسويات المالية مع المتهمين للشفافية اللازمة في مثل هذه القضايا، ولم يعلم أحد خارج الدائرة الضيقة من المسؤولين قيمة المبالغ التي استعادتها الخزينة من المتهمين، ولا المبررات القانونية لإصدار قرار منع المحاكمة بحق مسؤول "الأمانة"، أو تلك التسويات التي جرت مع بعض المتنفذين "السابقين" في الغرف المغلقة.
الإجراءات المتكتمة في هذا النوع من القضايا لا تصلح أبدا في مرحلة قال المسؤولون أكثر من مرة إن شعارها هو الشفافية والمصارحة مع الشعب. على العكس تماما؛ فإن السرية التي أحيطت بها صفقات التسوية ستثير الشكوك لدى الكثيرين، وستقوض الثقة المتدنية أصلا بجدية الدولة في مكافحة الفساد.
كان على المسؤولين في الحكومة الخروج إلى الرأي العام ببيان يشرح بالتفاصيل التسويات التي تم التوصل إليها مع المتهمين، وقيمة الأموال المسترجعة، ودوافع قرار منع المحاكمة في قضايا دون غيرها، والقضايا التي تم إغلاقها والتي ما تزال مفتوحة.
لقد كنا كصحفيين "نتلقط" أخبار التسويات منذ أشهر من خلال مصادر غير رسمية، لكنها على اطلاع كامل بما يجري. وعندما كنا نعود إلى سؤال المعنيين، كنا نقابل بالنفي، وفي أحيان أخرى بالصمت. بالطبع، هذا سلوك يتناقض مع الوعود التي قطعتها الحكومات بمكاشفة الناس بكل الحقائق. وقد تبين لاحقا أن المكاشفة تحضر فقط للتمهد لقرار رفع الأسعار، وتغيب عندما يتعلق الأمر بقضايا تهم عامة الناس، كمكافحة الفساد.
الأشخاص المعنيون بالقضايا المذكورة أصحاب مصلحة مباشرة في كشف الحقائق كلها، لأنهم وبخلاف ذلك سيظلون محل شبهة في نظر الرأي العام.
fahed.khitan@alghad.jo
الغد