كان من احدى اهم نتائج الربيع العربي تعاظم دور محور اقليمي ضم تركيا وقطر بقبول ودعم وتوافق مصالح مع الغرب وامريكا وبمساندة شعبية عنوانها الاخوان المسلمون وقوى اخرى, وكان الاعلام احد اهم الادوات ومعه حرص الناس بنواياهم الحسنه للتغيير, لكن نوايا الدول لم تكن مثل نوايا الناس فالاهداف اخرى.
وخلال عامين او اكثر حدثت تغييرات ازالت انظمة وقادة لكنها في بعض الساحات لم تحمل مع القادة المغادرين رحيلا للاوضاع الصعبة والقاسية على الناس, ولان الثورات شعبية فان من سيقطف الثمرة هي جماعات شعبية وكان الاخوان هم الطرف الاقوى لكنهم في نشوة السلطة خلعوا عباءة الشارع ولبسوا عباءة السلطة, وغرقوا في شهوة جارفة للهيمنة وليس لتنفيذ مشروع حصدوا على اساسه تعاطف الناس خلال اكثر من ثمانين عاما. فكان من السهل ان يتحولوا الى سلطة لها معارضة شرسة وشارع يرفضها.
ولان الاخوان صعدوا وفق معادلات الحلف الاقليمي, فقد غاب عنهم لقلة الخبرة ان التحالفات غير آمنة, ولهذا جمعوا حولهم سلسلة من الاعداء او اطراف عرفت ان مزيدا من القوة للاخوان تعني قلقا ومخاوف في ساحات للاخوان فيها امتدادات, وكانت حكاية تصدير نفوذ الجماعة لا تخفى في خطاب بعض قادتها ويعززه ان بعض الساحات مؤهلة للقلق والعبث.
لكن حكاية محاور الاقليم لا يمكن اختزالها بالاخوان, فهناك عوامل اخرى مهمة, لعل منها ان الادارة الامريكية تدير مصالحها في المنطقة بهدوء قد يراه البعض حيرة, فامريكا ترى في كل ما يجري خدمة لها ولحليفها المحلي اسرائيل , فبقاء المنطقة قلقلة مضطربة هو الهدف, واستنزاف قدرات الدول وجيوشها وامنها ومواطنيها غاية, وملف مثل الازمة السورية لامصلحة في سقوط الاسد في ظل غياب بديل "معتدل", وانتصاره ليس مصلحة فهذا سيخدم المحور الذي تقوده روسيا وايران, ولهذا فبقاء الحالة كما هي هدف الى حين وزمن قد يطول الى حين استقرار ساحات اخرى مثل مصر.
وبعد سقوط حكم الاخوان في مصر بسبب اخطائهم وقتلهم من اجل سلطة الجماعة وليس تطبيق المشروع, وبعد التغيير الذي لم تظهر نتائجه حتى الان في قطر , فان المنطقة تدخل مرحلة احياء حلف اقليمي جديد, كان يسمى حلف الاعتدال، وهو اليوم يقوم بالظهور بشكل هادئ ومن خلال عمل يلاحظه المتابع منذ اشهر, لكن الظهور العملي الاهم له الان يتمثل في الدعم الاقتصادي والسياسي الاقليمي والدولي للدولة المصرية وهي تعيش مرحلة انتقالية، وهذا الدور والمهمة يعيد مصر لدورها العربي , وهو في نفس الوقت يواجه حالة القلق التي صنعها الاداء الاخواني في مصر والمحيط.
والمحور الجديد القديم قد يكون له دور اكبر في الازمة السورية, دور قد يفتح الباب لتسوية ما , ورغم ان جزءا من هذا المحور يتبنى موقفا متشددا من نظام الاسد الا ان غياب البديل المعتدل قد يخفف من هذا التشدد, وحتى لو كان بعض هذا المحور يريد تزويد المعارضة بالسلاح الا انه يدرك مخاطر ارسال سلاح قد يصل الى القاعدة.
ومع تغير النظام في مصر فان الساحة السورية تشهد تزايد الاقتتال بين الجيش الحر وفصائل القاعدة , وهناك عمليات اغتيال لقادة الجيش الحر من القاعدة , وهذا امر متوقع لان فصائل القاعدة تحمل تقييما عقائديا وسياسيا للاخرين , كما ان انحسار وجود المعارضة المسلحة في مساحة ضيقة , يجعلها تدخل في تنافس مع نفسها واقثتتال مرشح للتوسع.
سقوط حكم الاخوان في مصر بوابة لاحياء ادوار وحلف كانت مصر والسعوديه والاردن والامارات احد اهم عناوينه, ويومها كانت سوريا ترى فيه خصما, لكنه اليوم وفي ظل التغييرات في المنطقة قد يكون حاملا لطوق النجاة لسوريا التي على نظامها ان يكون اكثر ايجابية وفهما لكل جديد.