تزداد اتهامات وإشارات قوى سياسية مصرية عن تورط حركة حماس في الأحداث المصرية الراهنة، إلى جانب معلومات وتقارير دولية تحدثت عن حجم تدخل حركة حماس الفلسطينية في الشؤون الداخلية المصرية، وتحديدا بعد الثورة الثانية في الثلاثين من حزيران الماضي، وهي تدخلات تتجاوز العلاقات الأيديولوجية والتنظيمية التي تربط بين حماس الإخوانية وبين حركة الإخوان المصرية إلى أعمال عسكرية يتوقع أن يرد عليها بحزم من قبل الجيش المصري خلال الأيام القادمة،
الأمر الذي يضع برنامج الحركة الفلسطينية وأولوياتها ودورها المستقبلي وحضورها على الطاولة. حسب الروايات السابقة فإن حماس لم تكن غائبة طوال السنوات الأخيرة منذ بدء الثورة عن المسرح المصري، وتربط تلك الروايات بين سلسلة أحداث تفجيرات أنبوب الغاز المصري التي توالت بشكل متكرر قبل صعود مرسي للسلطة، إلى جانب التورط بأحداث تفريغ السجون، وما إلى ذلك من شبكة معقدة من الأعمال العسكرية والسياسية والامنية اثناء فترة حكم محمد مرسي، حيث أصبحت سيناء مسرحا مباحا لسيناريوهات متداخلة وبعضها غير مفهوم.
توضح بعض المعلومات، حسب هذه الرواية ومنها اعترافات قادة لتنظيمات السلفية الجهادية، حجم الأعمال الأمنية والاستراتيجية التي نُفّذت منذ بدء الثورة، وتفعلت خلال فترة حكم الإخوان في القاهرة وبعضها بأموال عربية، ومنها تغلغل حماس في عمق 40 كلم في المنطقة (ج)، وتنظيمها لخلايا نائمة تكون على استعداد للتدخل بدعم مرسي، وهو ما حدث حسب هذه الرواية حيث أوقف الجيش المصري الثاني عشية ثورة حزيران نحو 500 مسلح حاولوا العبور نحو القاهرة وُصفوا بأنهم من حماس، كذلك سلسلة الكمائن التي تعرضت لها وحدات عسكرية وأمنية بدون توقف منذ عزل الرئيس وعودة تفجيرات أنبوب الغاز مجددا بعد أن توقف مدة عام.
المعلومات التي قدمتها قيادات سلفية تقول إن أموالا عربية تدفقت على سيناء بمعرفة الرئاسة السابقة، أدارتها حماس وهدفت إلى زيادة قوة قبائل في سيناء على حساب قبائل أخرى، في سياق نشر الفكر الإخواني وإنشاء تنظيمات شبه عسكرية، إلى جانب استهداف كبار قيادات الجيش والداخلية.
حماس من طرفها رفضت هذه الروايات جملة وتفصيلا منذ بدء الثورة المصرية، وجددت هذا النفي مع صعود موجة الاتهامات الأخيرة مؤكدة وقوفها على الحياد من الصراع الداخلي الجاري في مصر، علاوة على وجود أصوات من المراقبين ترى أن وسائل الإعلام المصرية قد ضخمت خلال الأيام الأخيرة من دور حماس في مصر وسيناء دون أن تنكر هذا الدور تماما.
في التقدير الاستراتيجي فإن ذهاب حماس الى تقليد دور حزب الله في مساندة النظام السوري، كما بدا الأمر في معركة القصير الشهيرة يعد انتحارا سياسيا واستراتيجيا لحركة حماس اذا ما حاولت ممارسة هذا الدور على الساحة المصرية التي لا ندري الى أين ستذهب فيها الأمور؛ فيما تضع هذه التطورات بعض الرشد السياسي الذي تتمتع به بعض قيادات الحركة على المحك في لحظة فارقة من تاريخ القضية الفلسطينية، أكثر ما تحتاج فيها استعادة أولوية القضية الفلسطينية بعيدا عن تكرار مشاهد تاريخية أهدرت فيها الحركة الوطنية الفلسطينية نضالات في ساحات وأهداف ليست لها.
الأخطر من ذلك كله من المنظور الاستراتيجي لمستقبل القضية الفلسطينية، يبدو في أنّ دفع حماس الى التورط في سيناء لا يخدم سوى المنظور الاستراتيجي الاسرائيلي الذي توصل الى قناعة منذ عقود أن الدولة الفلسطينية المستقبلية هي غزة وفقط ومجالها الحيوي باتجاه الغرب أي سيناء.
basim.tweissi@alghad.jo
الغد