الموقف الغربي مع "القوي" بغض النظر عن نظامة السياسي والفكري!
يختلف علينا "الاستقرار" في سياسات الدول العظمى تجاة منطقتنا بأكثر من قناع, فأحيانا نجده هدفا بحد ذاته ... او وسيله/اّلية لهدف ما يكون حينها "الاستقرار" متطلبا لهدف اكبر وليس غاية ... او ذريعة لسياسة مستقبلية ما ... يتقلّب ويتلوّن بحكم طبيعة وظيفته لسيّده الخواجا ... في ظرف ما ومصلحة ما في زمان ما ... بقدر ما نحبه ونستجديه بقدر ما يمقتنا وييمزقنا ... بابتسامته اللامعة الخادعة .. وليس كما نعلم ... كل ما يلمع ذهبا بالتأكيد!
غموض السياسات الخارجيه للدول تجاة الربيع العربي ليس بالشيء الغريب, فتناقضها يعكس التناقض الجاري الان في الشارع العربي. عندما يعيش الشارع العربي في حالة من الفوضى, ولا يستطيع الغرب التأثير بشكل كاف في مجريات الاحداث, تراهن هذه القوى على الطرف الاقوى بين الاطراف المتنازعه في الداخل, فكلما طغت قوة في الداخل على اخرى, تميل التصريحات نحو الطرف الاقوى, وبعضها (الموقف الاوروبي بالتحديد) سيبقى غامضا حتى تتضح الصورة النهائيه للمشهد السياسي. وعليه يكون الغموض والتردد في سياسات هذه الدول عندما يكون هناك غموض لمن هو الاقوى ومن هو الاضعف في اللعبه السياسية الداخلية! ومن هنا دائما ما تجد مبررا ما لسياسة الدول الغربيه في وقوفها مع طرف ضد الاخر... الاجوبه المتناقضه جاهزه .. مثل ... "شرعيه".. "انقلاب" على الشرعية... "الشعب قال كلمته".. "الديموقرطيه والاصلاح بحاجه الى مده ومسيرة طويله"... الدفع لخروج مرسي ولكن المباركه للحكومة الجديديه... وغيرها من المتناقضات التي تستطيع ان تستوعب ايضا جميع التناقضات وترضي جميع الاطراف .. وخاصة الاقوى منها!!
على عكس بعض الدول العربيه, المواقف الخارجيه للدول الغربيه تبدو اكثر عقلانيه وصبرا قبل الحكم على المواقف واتخاذ القرار لسياساتها الخارجيه.هكذا علمهم مفهوم "الاستقرار", السلاح "الاجمل والاخبث" لسياسات دولهم تجاة المنطقه بالتحديد. تجدها عادة في تصريحاتهم وفي اتفاقياتهم وفي برامجهم... هم فقط يعرفن اهدافها ومبتغاها .. وهم فقط يعرفون ما اذا كانت هدفا.. وسيله... ام ذريعه... واذا كان الاستقرار المنشود سياسيا ... هم فقط يعرفون ما اذا كان المقصود "استقرار الانظمة" او "استقرار الشعوب"! وقد يكون "استقرار الفوضى" واستمراريته هو هدف او وسيلة!
مفهموم الاستقرار:
"الاستقرار" يبدو لنا بالشيء "الجميل" لانه يدلل على الطمأنينه والهدوء وابقاء الامور على الوقع الراهن, اما لديهم "فالاستقرار" تعني, تأمين ديمومة تدفق مصالحهم من الطرف الاقوى في الساحة الداخلية للدول, بغض النظر عن شكل وطبيعة النظام القائم, اسلامي كان ام علماني, يستطيع ايا منهم أن يبسط الأمن الداخلي لكي يوفر تسهيل عملية استمرارية تدفق المصالح الغربية في المنطقة.
موقف الولايات المتحده كان في البدايه غامضا "مؤيد" لحركة التمرد في الشارع ولكنه ايضا ضد الحراك ضد "الشرعية", وضد اعتقال مرسي, فكان غامضا ومتوازنا بين الاطراف, وكـأنه يعطي فرصه اكبر للساحه السياسية لتخرج اثقالها وتظهر حالها حتى تحدد موقفها, ومن ثم بدأت كفة السياسة الخارجية الاميركيه تقترب من حركة التمرد ضد مرسي, بعد تبين للحظة ان الامور تميل لصالحهم وخاصة بعد تشكيل الادارة الجديده وتسمية المواقع ناهيك عن موقف الجيش المصري. عندها, تبين للرئيس اوباما "ظهور الحق" وقال كلمته " الشعب المصري قال كلمته"!! ولكنه بالتأكيد لم يكن ليقولها لو انتصر مرسي واعوانه. الاتحاد الاوروبي, الاكثر قربا منا, يبدو انه يحتاج لوقت اطول ليقول كلمته حتى تتضح المواقف اكثر على الشارع المصري, وانتهاء حاله الاحتقان الشعبي الحاضر.
هكذا كان موقف الاتحاد الوروبي والولايات المتحده في جميع مراحلها منذ بدء الربيع العربي, خاصة اذا ما اقررنا ان جميع الاطراف المتنازعه, الدينيه او العلمانيه, تتسابق لنيل رضى القوى الخارجيه وخاصة الغربيه منها.
الخاتمه: مع الغرب مع الاسلام المعتدل, والاصولي, والعلماني, ... ومع الكل ... "حبيب الكل"!
الغرب ليس له صديق, صديقهم فقط هو الذي يؤمن مصالحهم بحرفيه. علاقاتهم وطيدة مع جميع اشكال الدول المتناقضه في الفكر والنهج, نجدهم اليوم على علاقة وطيده مع دول الخليج, "الاسلامية" منها والعلمانيه, وكذلك الدول الانتقاليه نحو الدمقرطه والاصلاح (تونس) والدول ما بين هذا وذاك... كلهم اذا ما تتبعنا واقعهم .... دول تأمين ديمومة تدفق مصالحهم من الطرف الاقوى في الساحة الداخلية للدول, بغض النظر عن شكل وطبيعة النظام القائم! ... بالاختصار ... دول تعرف كيف تشتغل وتعرف كيف تحمي مصالحها وتعرف والاهم ... كيف تحب مواطنيها!!
Dr_waleedd@yahoo.com