هل تفضلون الطبق المصري أم المغربي؟
فهد الخيطان
13-07-2013 04:59 AM
يقترب تحالف الإسلاميين والليبراليين في المغرب من الانهيار، بعد استقالة خمسة من وزراء حزب الاستقلال، ثاني أكبر الأحزاب في البرلمان. لكن هذا التطور الذي يعد انتكاسة لتجربة المغرب في التحول الديمقراطي، لا يحمل في طياته أي تهديد لاستقرار المملكة، ومسار الإصلاحات الذي استبقت فيه المغرب موجات التغيير الثوري في العالم العربي. الخيارات المطروحة أمام الفرقاء السياسيين هي إما انتخابات مبكرة، أو دخول شريك جديد في الحكومة بدلا من حزب الاستقلال. سوى ذلك من الاحتمالات الانقلابية أو الثورات الشعبية ليس واردا في حسابات أي من الأطراف. ومرد ذلك ببساطة وجود إجماع وطني على ثوابت الحكم الملكي، وتوافق على قواعد اللعبة السياسية.
باستثناء المغرب، لم تشهد دول "الربيع العربي" حالة استقرار تتيح للقوى السياسية إنجاز التحولات المطلوبة في المرحلة الانتقالية؛ تونس في طور المحاولة، ليبيا غارقة في فوضى السلاح والصراع القبلي، ومصر التي كان يعول عليها في تقديم نموذج ريادي تواجه مصيرا غامضا بعد عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي. أما اليمن، فاكتفى بتغيير رأس النظام.
الأردن أجرى سلسلة من الإصلاحات لا يمكن القول إنها جوهرية، تنقسم القوى السياسية حولها. لكنه رغم ذلك حافظ على درجة متقدمة من الاستقرار. والسبب هو أن القوى بمختلف تلاوينها السياسية والاجتماعية، ما تزال مجمعة على النظام الملكي، وإن اختلفت حول صلاحيات الملك في الدستور.
المثلب الوحيد في التجربة الأردنية مقارنة بالمغربية، هو أن الأخيرة نجحت في دمج الإسلاميين في عملية الإصلاح الديمقراطي، لا بل استلموا أول حكومة برلمانية بعد تعديل الدستور. هناك فروق جوهرية بين إسلاميي المغرب وأقرانهم في الأردن؛ المغاربة أكثر استقلالا عن منظومة الإخوان المسلمين العالمية، ويحملون تصورات أكثر تطورا حيال التنوع في المجتمع والحريات العامة، ناهيك عن تراث المغرب الحزبي الذي يتفوق بدرجات على تراثنا. الذي حصل في المغرب أن طرفي المعادلة؛ الإسلاميين والدولة، حسما خياراتهما بكل وضوح، وصاغا قواعد لعبة تتسع للجميع، وتحت مظلة الملك. ذلك لم يحدث في الأردن؛ لا مع الإسلاميين ولا مع غيرهم من قوى، بكل أسف. ولهذا، يُنظر للأردن كنموذج لبلد مستقر، وليس نموذجا يحتذى للإصلاح، وبين الأمرين فرق كبير. رغم ذلك كله، فإن ميزة الملكية في الأردن تمنحه القدرة على الاستدراك في المستقبل. وفي ضوء ما حصل في مصر، ستقف نخب الحكم أمام خيارين: تداول سلمي على الطريقة المغربية، أم ديمقراطية تستثني الإسلاميين على غرار ثورة 30 يونيو في مصر. النموذج المصري، على فرض نجاحه، يلاعب عقول الكثيرين في الأردن. أصحاب هذا الرأي يعتقدون أنه في حال اجتازت التجربة المصرية مرحلة الاختبار الصعبة، وتمكن المصريون من بناء ديمقراطية بدون مشاركة الإسلاميين، فما المانع من الأخذ بتجربة الأشقاء هنا في الأردن، والمضي ببرنامج الإصلاح الحالي بدون "استجداء" الإسلاميين للمشاركة؟!
بيد أن أنصار هذا الرأي يتجاهلون أمرا جوهريا في الحالة المصرية، وهو أن ما يجري في مصر هو في الأساس حاصل ثورة شعبية أطاحت بالحكم. ولولا سقوط نظام مبارك في 25 يناير، لما كانت هناك هبة شعبية ثانية في 30 يونيو، بينما النموذج المغربي كان نتيجة عملية إصلاح سلمية وتوافقية قادها النظام الملكي. إزاء وضع كهذا، وبما أننا في شهر رمضان نسأل: هل يقدم عاقل على التفكير بالطبق المصري في حالتنا الأردنية، أم بالطبق المغربي؟
الغد