هناك حشود كبيرة مؤيدة للرئيس السابق محمد مرسي ، تلتقي في ساحة جامع رابعة العدوية بالقاهرة وأماكن أخرى ، ولكنها مكونة أساساً من أعضاء الجماعة وحزبها ، فمن المستبعد أن يتطوع مواطن مستقل بالمطالبة بعودة الرئيس المخلوع ليحكم ضد رغبات 33 مليون مصري ، وضد القوات المسلحة ومعظم وسائل الإعلام المستقلة.
على فرض أن هذه الحشود الإخوانية تمثل نسبة صغيرة من الشعب المصري ، فإنها مع ذلك تظل قوة لا يستهان بها ، ذلك أن الإخوان تنظيم يربي أعضاءه على أساس السمع والطاعة.
كان حزب البعث يقول لنا: نفذ ثم ناقش ، أما الإخوان فيقولون لأعضائهم: نفذ ولا تناقش!.
لولا القوات المسلحة المصرية الأكثر تنظيماً والتزاماً ، لقلنا أن أقلية إخوانية يمكن أن تتغلب على إرادة أكثرية الشعب لمجرد أن الإخوان منظمون في حين أن خصومهم موزعون على حركات كثيرة ، وأغلبهم ليس منتمياً إلى اي حزب أو تنظيم ، ولا يتلقى تعليمات وأوامر من أحد.
من يفوز في أية انتخابات عامة ليس المرشح الأفضل بل المرشح الذي يملك تنظيماً أفضل ، وهذا لا ينطبق في مصر وحدها ، بل في جميع دول العالم ، حيث أن التفسير الوحيد لفوز باراك أوباما على ميت رومني كون حملة أوباما أفضل تماسكأً وتنظيمأً وحملة رومني مبعثرة ومرتبكة.
وما ينطبق على الانتخابات ينطبق أيضاً على الصراع السياسي والاجتماعي ، فإن أقلية منظمة تستطيع أن تنتصر على أكثرية غير منظمة. ومن هنا فإن الإخوان قادرون على المواجهة مع المجموعات السياسية الأخرى المعادية لهم ، ولكنهم ليسوا قادرين على المواجهة مع القوات المسلحة. ولذا فإن مقتلهم يكمن في التورط في مواجهة مباشرة مع الجيش.
كان على عقلاء الإخوان ، إن وجدوا ، أن يعترفوا بخسارة المعركة ولا يركبوا رؤوسهم للتحول إلى خسارة الحرب ، لأنهم بذلك لا يراهنون على مرسي بل على وجودهم ، ولا يلحقون الضرر بأنفسهم فقط بل بجميع فروعهم في البلدان الأخرى.
أمام الإخوان المسلمين في مصر خياران ، فإما أن يختاروا الممانعة السياسية وإثبات وجودهم في الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة ، وإما أن يختاروا العنف ويهددوا أمن مصر ويدفعوا الثمن.
الرأي