لم تتمتع أميركا بصورة إيجابية في العالم العربي في أي وقت من الأوقات ، ولكن صورتها هبطت إلى الحضيض في عهد الرئيس السابق جـورج بوش ، الذي شـنّ حرباً على العراق ، وحرباً على أفغانستان ، وحرباً عالمية على الإرهاب.
بشكل اسـتثنائي تحسنت صورة أميركا عربياً في بداية عهد الرئيس باراك أوباما ، وبلغت الأوج عند إلقاء خطابه المشهور في جامعة القاهرة في حزيران 2009 ، وكان يؤمل أن يكون ذلك بداية عهد جديد من السياسة الأميركية المتوازنة في الشرق الأوسط.
لكن شهر العسل لم يطل ، فقد خيبت أميركا الآمال التي عقدت عليها ، وخيب أوباما الآمال التي عقدت عليه ، واتضح أن سياسة أميركا مستقرة ومستمرة على حالها ، وأنها تبدأ وتنتهي بأمن إسرائيل حتى وهي تحتل أراضي الغير.
تفسيرات عديدة طرحت لكراهية العرب لأميركا وطرح في أميركا سؤال المليون: لماذا يكرهوننا؟.
في محاولة لأظهار عدم منطقية الموقف السلبي العربي من أميركا يلاحظ أحد الباحثين إن العرب غضبوا على أميركا لأنها تدخلت بالقوة في ليبيا ، وغضبوا على أميركا لأنها لم تتدخل بالقوة في سوريا ، وغضبوا على أميركا لأنها أيدت انتخابات حرة في مصر أنتجت حكم الإخوان المسلمين واتخذت موقفاً معاكساُ في البحرين ، وكأنه يقول إن الكراهية العربية لأميركا مقررة سلفاً ، وليست رد فعل لسياسة أميركا في المنطقة.
بوش ارتأى أن العرب يكرهون أميركا بسبب نجاحها وحريتها وتقدمها العلمي والثقافي أي أنهم يكرهون الحضارة الأميركية ، ويقول بهذا التفسير آخرون لمجرد تجنب الاعتراف بأن العرب في الواقع يحبون في أميركا هذه الخصائص ، ولكنهم يكرهون سياستها المعادية للعرب والمنحازة لإسرائيل بشكل صارخ وغير منطقي ، كما يكرهون تحالف أميركا ودعمها للأنظمة العربية الفاسدة والمستبدة.
موقف العربي من أميركا مركب من حب وكراهية ، فالعربي يعجب بإنجازات أميركا العلمية والطبية والثقافية ، ويختار لأبنائه جامعات أميريكية ، ولمرضاه مستشفيات أميركية ، كما أنه معجب بالديمقراطية الأميركية وحرية الصحافة والإعلام ونظام المحاسبة والمساءلة وسيادة القانون. ولكنه يكره انحياز أميركا لإسرائيل بشكل أعمى ، فأميركا حريصة على أمن إسرائيل مع أنها هي التي تهدد أمن جيرانها ، وتغتضب أراضيهم ، وتطبق نظامأً للفصل العنصري. كما يكره ازدواجية المعايير في التعامل مع مجريات الأحداث العربية كما طرحها الربيع العربي فهي تدعم (الديمقراطية) في بلد عربي ولكنها لا تفعل الشيء نفسه في بلد عربي آخر.
الرأي