في معارك القدس الشريف (2)
د. معن ابو نوار
12-07-2013 02:31 AM
عندما تولى ديفيد شاتيل قيادة القوات اليهودية في القدس ؛ أمره ديفيد بن غوريون أن يمنع إخلاء اليهود من القدس القديمه ؛ ومن بعد أن يحرر جميع أنحائها . كانت القدس مأهولة بأغلبية عربيه من المسلمين والمسيحيين ؛ وبأقلية من اليهود لا يزيدون عن 15% من سكانها ؛ حوالي 10500 رجل وإمرأة وطفل.
وعندما بدأ النزاع المسلح في فلسطين ؛ أحاط الجيش البريطاني بالحي اليهودي في القدس القديمه لحمايته ضد الهجمات العربيه ؛ وزودوا سكانه بجميع ضرورات الحياة خلال ثلاثة أشهر من وجودهم لحمايته. بينما لم يقوموا بحماية القرى العربية ضد الهجمات العدوانية الصهيونيه. وفي نفس الوقت تسلل 300 جندي إسرائيلي بما فيهم عدد من عصابات الإرغون وستيرن إلى الحي اليهودي؛ وهربوا الأسلحة والذخيرة ؛ ودربوا الرجال والشباب على القتال ؛ وحصنوا المواقع الدفاعية بالإسمنت المسلح ؛ وفي مطلع أيار 1948 كانوا مستعدين للقتال.
بعد دقائق من منتصف ليلة 17/ 18 أيار ؛ أمر الملك وكيل القائد عبد الله التل ؛ قائد كتيبة المشاة السادسه بأن يتدخل في معركة القدس. وبذلك تجاوز جلوب وفرقة المشاة الأولى ؛ وأرسل عبد الله التل الرئيس محمود موسى قائد سرية الأمن الأولى إلى القدس. وحال وصول السرية إلى سفح جبل الزيتون ؛ إخترق اليهود أسوار القدس من باب الخليل ؛ وباب الجديد واتصلوا بالحي اليهودي. وفي نفس الوقت أرسل الرئيس محمود موسى فئتين من حوالي 40 جنديا ؛ إحداهما بقيادة الملازم نواف الجبر الحمود ؛ والثانية بقيادة الملازم مصطفى إبراهيم ؛ عبر باب الأسباط إلى الروضة لمساندة المناضلين الفلسطسنيين.
وقدم الملام نواف نفسه للرئيس فاضل عبد الله الرشيد ؛ قائد وحدة جيش الإنقاذ في القدس والذي إستخف بقوة الفئتين قائلا: " ما الذي تقدر عليه فئتان ؟ اليهود مصممون على أخذ المدينه". وقال نواف ؛ " أرجوك إعطنا أضعف موقع عندك لندافع عنه ". فأجاب: " الموقف يائس".
وطلب الرشيد الدفاع عن باب الجديد الذي عبره اليهود ؛ وبمساعدة دليل مقدسي وصلت الفئتان إلى باب الجديد ؛ المحاذي لقلعة النوتردام الضخمه ؛ واتخذتا مواقع على السور لتعزيز مواقع جيش الإنقاذ. وفتحت القوات اليهودية النار على الفئتين من قلعة النوتردام. وكان رد الفعل الأردني فوريا ؛ تقدمت فئة مصطفى وفئه من جيش الإنقاذ من باب الجديد إلى القلعه ؛ واقتحمتا باب القلعة الشرقي وأجبرت المدافعين عنه إخلاء الطابق الأرضي من قسم القلعة الشرقي.
خلال ذلك القتال ؛ وتحت ضغط شديد من القوات اليهوديه في جبل صهيون ؛ إنسحبت وحدة جيش الإنقاذ المدافعة عن باب النبي داوود ؛ وتركته مكشوفا لإختراق اليهود ؛ وطالب الرئيس فاضل بنجدة من الملازم نواف ؛ وأبلغه الموقف في باب النبي داوود؛ وحشد الملازم نواف الفئتين حالا وتقدم بهما من باب الجديد نحو باب النبي داوود.
في الساعة 0430 من فجر يوم 18 أيار ؛ تلقى محمود موسى أمر دخول بقية سريته إلى القدس القديمه. فسارع إلى الروضه والتقى فاضل الرشيد الذي أوضح أن القدس ستحتل من قبل اليهود بعد ساعات قليله ؛ وأنهم احتلوا باب النبي داوود واتصلوا بالحي اليهودي. وسأله محمود عن عدد قوته ؛ فأجاب 700 جندي فقط؛ وهمس في أذن محمود: " لا تتوقع مساعدة مني إعتمد على نفسك". وفي الساعه0200 من فجر 19 أيار؛ هاجمت سريتان من لواء البالماخ جبل صهيون ؛ واخترقت باب النبي داوود وعززت قوة وأسلحة وذخيرة الحي اليهودي.
وتقدم محمود موسى عبر الكنيسة الأرمنيه ؛ ومنها تقدمت فئة الملازم نواف واحتلت باب النبي داوود ؛ وعزلت الحي اليهودي في القدس القديمه عن حي النبي داوود خارج أسوار القدس القديمه. وفي نفس الوقت ؛ إنسحبت فئة جيش الإنقاذ من القسم الذي إحتلته فئة الملازم مصطفى إبراهيم من قلعة النوتردام ؛ وتركته فارغا مفتوحا لإعادة إحتلاله من قبل اليهود.
كان الرئيس محمود موسى من خيرة ضباط الجيش العربي الأردني. وقد إستعان بالمجاهد فوزي القطب ؛ قائد فئة التدمير من الجهاد المقدس للكشف على الحي اليهودي ؛ ووضع خطته للهجوم عليه؛ ونفذ أول مرحلة من خطته بفتح النار الكثيفة من البنادق ورشاشات برن وصواريخ بيات على مواقع الحي الدفاعيه.
وفي الساعة 1400 من بعد ظهر يوم 19 أيار ؛ أصيب محمود موسى بعدة جراح ؛ ولكنه قبل أن ينقل إلى المستشفى أمر حضيرة مشاه بانتظاهره في المسجد الأقصى. وبعد تضميد جراحه ؛ ورغم نصائح الأطباء بالبقاء في المستشفى ؛ غادره وتناول طعام الغداء مع جنوده ؛ وعاد بهم إلى مواقعهم المشرفة على الحي اليهودي ؛ وأجرى اشتباكا بتبادل النار مع منطقة الكنيس اليهودي ؛ بهدف اكتشاف مواقعهم ؛ واختبار حجم نيرانهم ؛ واستهلاك ذخيرتهم. وفتح العدو النار ؛ وأخذ محمود مجموعة 4 جنود من الحضيره واقتحم الكنيس اليهودي باستخدام القنابل اليدويه وقاوم العدو بمقاومة شديده ؛ وأصيب محمود بجراح جديده ؛ وانسحب بجنوده إلى مواقع السرية.