من يتحمل المسؤولية وهو يعلم مرارة الواقع وصعوبته ثم لا يمتلك رؤية لتغييره لا يغيّر من واقع الأوطان شيئاً، وبدلاً من أن يصنع واقعاً جديداً، إذا به يقوم بالتطبيع مع الموجود، ويمارس هواية التبرير والانسحاق تحت أثقال الماضي.
المنسحقون لا يبنون حضارات ولا يصنعون نهضة لشعوبهم.
فهنالك فارق كبير بين التعامل بواقعية وبين الاستسلام لما جئنا من أجل تغييره.
ما قيمة مسؤول يقول للناس: لا أملك من أمري شيئاً وليس بالإمكان أفضل مما كان.
لماذا توليت المسؤولية وأنت عاجز؟ لماذا قلت للناس إنني سأغيّر حياتكم للأفضل وعندي كل الحلول والقدرة والقوة وأنت لا تستطيع عمل شيء.؟!
إن المسؤول الذي لا يضيف شيئاً للمكان الذي يشغله هو شخص غير مسؤول ولا ينبغي أن يستمر في مكانه.
إن تجارب التغيير والنهضة في العالم صنعها رجال امتلكوا القدرة والجرأة على صناعة التغيير وتفكيك المنظومة المهترئة التي جاءوا بعدها.
إدارة الدولة علم ومنهج وليست عشوائية، والنوايا الحسنة لا تدار بها الدول، وليس كل سياسي يصلح رجل دولة، ورسم السياسات العامة للدولة لا يقوم بها بعض الهواة الذين احتلوا مواقع المسؤولية دون خبرة أو كفاءة.
هذا بالنسبة للمسؤولين، أما بالنسبة للشعوب فلا يجب أن تكون كقطيع من الأغنام لا يغضبون حيث الغضب من شيم الإنسان، قطيع يرتع من الجهل والخذلان، وآخر يمنع الديمقراطية بحجة أنها صناعة غربية، وآخر يؤيد الاستبداد والتوحد مع كراسي حكم البلاد، وآخر يؤيد التخلف المختار بقمع العلم والابتكار، وآخر تعود الخمول ورشق الحكام بالكلام المعسول، وآخر لا يفور الدم في عروقه، ولا تنتفض للكرامة.
قطيع أدمن على الإهانة، لأنه يعيش زمن الخضوع والاستكانة، وآخر مدجن العقول والحناجر، وكل من يعترض عليهم فاجر، وآخر صدق وبارك من شجبوا واستنكروا ثم كبّروا واكتشفوا أخيراً أنها توزيع أدوار.
لكن للحقيقة أكثر من وجه، وكذلك المنافق يتعامل مع وجهه حسب الطلب.
فنحن نرى وجوهاً متعددة للمنافق، إلاّ وجهه الحقيقي يبقى في الخفاء، وأحياناً يصدر المنافق وجهه السينمائي، فيلتف حوله المعجبون، لكن تبقى أكثر الوجوه التي يستعملها هو وجهه القبيح.
والوجه هو الجزء الأهم في الجسم لأنه يحمل العقل.
هناك وجوه نؤمن بوجودها رغم أنها مختفية مثل الوجه الآخر للقمر، فهو وجه مظلم لم ولن نراه، فالقمر يواجهنا طوال الوقت بوجه واحد فقط، لذلك فهو أكثر صراحة من الكثيرين وجميعنا نتمنى أن نحصل على وجه مشرق دائم، وأكثر الوجوه التي نبحث عنها دائماً هي أوجه الشبه والاختلاف بين شيئين فنحن مغرمون بالمقارنة.
لهذا حتى نبني وطناً يعتد به ويكون مفخرة للأجيال، فلابد من اختيار المسؤولين على أسس الكفاءة والخبرة والقدرة على خدمة الشعب، ولا بد من كشف المنافقين والانتباه لوجههم الحقيقي وإلاّ نبقى كالقطعان ونقول أنك إذا وضعت ضفدعاً في كرسي من ذهب، ستجده يقفز للمستنقع، هكذا بعض البشر مهما ترفع من شأنه سيعود للمكان الذي أتى منه.
بعد هذا يجب ألاّ نيأس ويكون التفاؤل حليفنا، آمالنا يجب أن تكون كالشعر والأظافر لا يهم عدد مرات قصّهم ولكنهم لايقفون عن النمو.
إذا سرت في طريق موجّه بواسطة الإنسان فإنك ستجد نهاية غير مأمونة، وإذا سرت في طريق موجّه بواسطة الخالق فإنك ستجد آمالاً لا نهاية لها.
كن في حياة الآخرين كحبات السكر حتى وإن اختفيت تركت طعماً حلواً.
dr.sami.alrashid@gmail.com