قلق الطاقة يتجدد: غلاء في الأفق
حسن الشوبكي
09-07-2013 03:45 AM
لا يُقلق المستهلك الأردني شيء أكثر من تفجير خط الغاز المصري. فالتجربة القريبة تؤكد أن خسائر شركة الكهرباء الوطنية تتضاعف سريعا في حال وقع أي خطرعلى خط إمدادات الغاز، فكيف إذا تم تفجيره للمرة السادسة عشرة، وبما يفتح بابا على كلفة متصاعدة لتوليد الطاقة الكهربائية، وسط انحسار البدائل، في مقابل مديونيات كبيرة سيدفع ثمنها المواطن في نهاية الأمر!
وارتفاع الطلب اليوم على المشتقات البديلة، وتحديدا السولار وزيت الوقود، لتأمين استمرار توليد الكهرباء بذات الجودة التي يوفرها الغاز، يجعل من خسائر شركة الكهرباء مرشحة للتصاعد أكثر في غضون الشهر الحالي. وبطبيعة الحال، وكما درجت العادة لدى الحكومة، فإن قرار رفع أسعار الكهرباء سيأخذ أبعادا وتوقيتات أكثر تسارعا، وربما أكثر تأثيرا على قطاعات الإنتاج والأفراد لفترة ما بعد شهر رمضان، بما يعني أننا مقبلون على موجة غلاء جديدة ينوء عن حملها القطاع الاقتصادي بشقيه، المؤسساتي والفردي.
ذاك بعد رمضان، أما في أوله، فالكل يعلم أن الطلب يشهد اشتدادا كبيرا على المواد التموينية. ورغم التطمينات الرسمية وغير الرسمية بوجود استقرار مسبق في الأسعار، إلا أنها تطمينات لا تصمد طويلا أمام طلب استثنائي، يقابله ارتفاع محموم في الأسعار، لا سيما أن البلاد تستورد أكثر من 90 % من السلع الغذائية ومنتجاتها. ومما يزيد الأمر تعقيدا استمرار تعطل أشكال الاستيراد التقليدية بسبب الأوضاع في سورية والعراق؛ إذ تُضاف كلفة الشحن المتصاعدة إلى معادلة السعر الذي لم يشهد عمليا استقرارا منذ نحو عام ونصف العام.
هي فترة راهنة صعبة، تليها أخرى مقبلة في غضون أربعة أسابيع، ذات صلة بأوضاع اقتصادية متأزمة؛ أولا بسبب انقطاع إمدادات الغاز المصري وارتفاع كلف توليد الكهرباء، ولا يعرف أحد إلى متى سيستمر هذا التهديد، وثانيا بدعوى الإنفاق الاضطراري في موسم رمضان والأعياد، وثالثا استعدادا لمرحلة رفع أسعار الكهرباء بعد شهر رمضان كما هو متوقع. وفي ظل هذه الظروف التي تعيد المشهد الاقتصادي إلى عنق الزجاجة مرة بعد مرة، فإن المستهلك المحلي يقف مكتوف الأيدي أمام تحديات جديدة وغلاء مستمر، في ظل تراجع لا تخطئه عين المراقب أو الدراسات في قدراته الشرائية.
لا خطة في الأفق لإنقاذ الموقف مما هو عليه. وفي ظني، سيبقى المستهلكون الأفراد أسرى حالة الغلاء الجديدة. ورغم أنها موسمية، وتعوّد عليها المواطن كل عام، إلا أن الجديد فيها هو قيد الطاقة الذي يزيد من تعقيد المشهد المالي.
في الاقتصادات الضعيفة، أسوأ ما في الأمر هو أن تكون البدائل غائبة أو محدودة في نطاقات ضيقة. وبالنسبة لأزمة الطاقة في بلادنا، فإن خطرها يمثُل ليل نهار أمام المواطن مع كل طارئ أو تطور قريب أو بعيد. وفي حالة كهذه، يصبح البحث عن حلول جذرية أمرا لازما لتجاوز تعقيدات الارتهان لكل ما هو جديد ومقلق ومربك لمعيشة الناس. وقد بات التنقيب عن النفط، بعد ثبوت وجوده، أولوية قصوى للدولة، وليس الحكومة فقط، ومثله استخراج الزيت الصخري، وغيره من الموارد التي تكتنزها الأرض الأردنية، وهي التي ما تزال تحت أقدامنا، في حين لم تعد تقوى تلك الأقدام على الوقوف أكثر!
hassan.shobaki@alghad.jo
الغد