قطعاً فإن الإنسان العربي- المسلم لن يسره هذا التعامل غير الحضاري وغير الإنساني بين الأطراف الفاعلة على الساحة العربية- المصرية. كما يدمي قلبه ما يشاهده من بعض ثقافات التحاور عبر العنف المرفوض إبتداءً وإنتهاءً. ويؤكد، هذا الإنسان العربي، على عدم إيمانه بأي حوار يخرج من جلد العقل أو يتمرد على قوة المنطق أو المجادلة بالتي هي أحسن.
فقد ترسخ هذا الموقف في ثقافتنا العربية والإسلامية منذ مسلة حمورابي العادلة، وحروف السومريين وأهرامات الفراعنة وسد مآرب وسيف بن ذي يزن، مروراً بالأنباط، وإنتهاءً بتجذر عقيدتنا وثقافتنا العربية- الإسلامية، ودولتنا الواحدة الموحدة ومنذ أن أنشأت علاقاتها العربية والإقليمية والدولية. حيث تسامحنا مع من ظلمنا من الأمم والشعوب بالرغم من كل ما تعرضنا له من إرهاب وأعمال إجرامية، استهدفت وجودنا وتأريخنا ودمائنا، وتجاوزنا عن الكثير من التدخلات السافرة في شؤوننا الداخلية التي وصلت إلى حد التفاصيل والقضايا اليومية، فإذا كنا قد صفحنا عن كل ذلك، فكيف لا نصفح عن بعضنا البعض. فبالرغم من ظلم الآخر لنا، كعرب وكمسلمين، لم نتصرف في أية مرحلة من مراحل تاريخنا من منطلق العقلية الثأرية أو الانتقامية، فكيف بنا اليوم نبوء بدماء بعضنا البعض.
إن سياسة القتل والتدمير والتفجير والاغتيال هي سياسة سكنت عقول الغابة والفوضى والرعاع والهمجية الحضارية والفكرية والثقافية. ولم تكن في يوم من الأيام لتحقق أي هدف أو لتصل بأهلها إلى الآمان أو الاستقرار، بل مثلت عودة إلى الوراء وإلى التخلف وإلى التحجر وإلى الفشل. بل تمثل ردةً لعقيدتنا الإسلامية السمحة.
وقطعاً فإن ما يشاهده الإنسان العربي اليوم يمثل خروجاً سافراً عن العقل والضمير ومروقاً من الدين، وخروجاً على جماعة المسلمين، إذ لم يحترم دعاة العنف والعنف المضاد، لا قدسية الزمان ولا قدسية المكان ولا حرمة النفس البشرية ولا قيمة الدم المهدور عند الله جل جلاله، ولا ذمة أرواح أبرياء تزهق، وأعراض تستباح وأموال تنهب وحياة تعطل. ومما يؤسف له، أن هناك مجموعة من الناس نفضت عن نفسها كونها من البشر أو من الآدميين، وراحت تتعامل مع الأشياء بمسميات الوحوش وبمذاهب الجنون وتغييب العقل والدين والأخلاق. كما أن إسلامنا الحنيف وثقافتنا وقيمنا العربية، نادت طوال تاريخهما بضرورة الاحتكام إلى المنطق والضمير والبشرية والإنسانية، وضرورة التفيء تحت ظل التعقل والتسامح والهدوء والحوار. لذلك علينا، كعرب ومسلمين، تلمس في كل تعاطينا مع الأحداث والظروف وسائل السلم والبحث عن كل إيجابية لنتبناها.
فبالرغم من معاناتنا من الأحداث المؤلمة ما يفيض عن الاحتمال. إلا أن تربيتنا الإسلامية وقيمنا العربية وخلق الصحراء والبداوة فينا، يجب أن تتجذر لتكون كلها أساساً لنهجنا السياسي والاجتماعي والفكري والحضاري. كما يجب أن يكون لذلك الموروث النبوي دور فاعل في صياغة النفس العربية المتسامحة، والتي يجب ان لا تكون في يوم من الأيام مبادرة إلى مؤامرة أو مشاركة فيها أو متغاضية الطرف عنها. لذا فإن من واجب الإنسان العربي-المسلم الدعوة لتغليب قيم التسامح عما يحدث في الشارع العربي-المصري، والإنعتاق من مرارة الألم التي تجرعها الوطن والمواطن في لحظات غلبت فيها الذاتية على الإيثار.
مؤكداً، أي الإنسان العربي-المسلم، بوجوب خروجنا جميعاً من صحراء الحقد والدم والبارود إلى جادة الصواب، وأن من واجبنا جميعاً، أن لا نسمح لأي كان أن يضيعوا أنفسهم ويضيعوا الأمة والناس معهم. فالذي لا يحترم قدسية الإنسان ولا قدسية الزمان ولا قدسية المكان فإنه ليس من البشر ويغدو نصحه فرض عين.
مذكراً أخوتي وأخواتي في ميادين وشوارع مصر العظيمة، بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «لو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافرا شربة ماء» اوكما قال صلى الله عليه وسلم، فكيف نقتل بعضنا بعضاً على كرسي او دنيا ليست بأكثر من سقط متاع. نسأل الله العفو والعافية وأن يجنب الله الأمة العربية الماجدة وقلبها النابض مصر المحروسة والمؤمنين غوائل الأيام وشرور الأشرار، أنه سميع مجيب.
alrfouh@hotmail.com
الرأي