انقلاب، ثورة، شرعية، صندوق اقتراع، تجديد ثورة...الى آخره. يوجد متحمسون لكل واحدة من هذه الأفكار. اقترح على الجميع مستوى أدنى من الحماس، وتعالوا نتناقش:
الذين يقولون إن ما يجري في مصر انقلاب ويعتبرون ذلك شتيمة، ينسون أننا في الأصل أمة انقلابات، وأن فكرة الانقلاب ليست مدانة بالمطلق، وأننا أصحاب فكرة الانقلاب الذي قد يتحول الى ثورة، والثورة التي قد تتحول الى انقلاب.
على سبيل المثال، كل الأمة باستثناء الاسلاميين وفريق من الليبراليين تكاد تجمع على الاعتزاز بثورة تموز 1952 (عبدالناصر)، رغم انها في الأصل انقلاب عسكري بالمعنى النموذجي، لكننا بالنظر الى نتائجه الجوهرية، نعتبره أهم تحرك ثوري تقدمي قومي وديمقراطي (اجتماعياً على الأقل) وتحرري في تاريخ العرب المعاصر.
وبالمقابل، ورغم أن الجميع (باستثناء محترفي المفاهيم) يعتبرون ما جرى في يناير 2011 والتخلص من نظام مبارك، ثورة، إلا أن كثيرين يرون أنها تحولت الى انقلاب، وذلك لأن لا شيء جوهرياً قد تغير مقارنة بالنظام السابق، وخاصة فيما يتصل بالبعد الاجتماعي الاقتصادي، وهو البعد المسؤول بالدرجة الأولى عن تحديد صنف التغيير.
أما المتحمسون لفكرة الصندوق، فينسون أن الفائز بالانتخاب (أي الإخوان) ظلوا يعلنون قبل النتائج أن هذه الانتخابات إذا لم تُنجحهم فإنهم لن يعترفوا بها. وهذا يعني أن احترام الصندوق أمر مستجد ومغلف بالمصلحة الذاتية.
والآن، كيف نفكر بالأمر في الأردن مثلاً؟ بالنسبة للتنظيمات والأحزاب والتيارات السياسية، فهذه تحركها مواقفها التي تسميها "مبدئية"، وهذا شغلها. أما على الصعيد الشعبي، تعالوا ننتظر حتى نرى محتوى ومجريات ومصائر ما يجري الآن، فهذا وحده هو ما يمكننا، ويمكن الشعب المصري قبلنا، من التوصل الى حقيقة الحركة التي أمامنا: هل هي ثورة، أم انقلاب، أم ثورة بنكهة انقلاب، أم هي خطوة للأمام في ثورة مستمرة طويلة كما هي حال ثورات الدنيا؟
ahmad.abukhalil@alarabalyawm.ne
العرب اليوم