هل انتهى الحراك في الأردن؟!
ماهر ابو طير
07-07-2013 03:22 AM
على وقع الانقلاب العسكري في مصر،اجمعت اراء كثيرة ان الحراك الشعبي في الاردن،انتهى الى غير رجعة،خصوصا،ان ارتداد الانقلاب على جماعة الاخوان المسلمين في القاهرة،ترك اثرا حادا على الجماعة هنا في الاردن.
هذا رأي بات سائداً،ويعززه اصحابه بالقول ان الحراك الشعبي في الاردن بدأ يضعف ويتلاشى تدريجيا قبل احداث مصر الاخيرة،غير ان ماجرى في مصر انهى الحراك في الاردن،عملياً،من زاوية تقول ان اغلبية الاردنيين باتت تعتقد ان الفوضى العارمة دمرت دولا مثل مصر وسورية،واغرقتها في صراعات داخلية،اعادتها الى الوراء،ونحن في غنى عن ذلك،حتى لو كنا نعترض على الف ممارسة فاسدة.
غير ان التوقف عند منطق الشماتة من جهة،وسطحية التحليل من جهة اخرى،والمبالغة في الركون الى الظرف الاقليمي وارتداده في الاردن،عوامل يجب ان تعيد صياغة القراءة بشكل اعمق،لان هناك عناصر قد تبدو غائبة في التحليل،وهناك عناصر قد تستجد قريباً.
ابرز هذه النقاط مايتردد عن نية تيارات وطنية استثمارماتراه فراغا في الساحة المحلية بعد الضربة التي تعرض لها الاسلاميون من اجل مزيد من الحراكات والخروج الى الشارع،دون الخوف من فكرة قطف الاسلاميين لحراكهم وحراك المحافظات،وكأن التيارات الاخرى ترى في هذا المناخ فرصة للتعويض السياسي والاسئتثار بالشارع الاردني.
النقطة الثانية تتعلق برد فعل الاسلاميين الذي قد يميل الى المناددة من باب اظهار قوته وانه لاينكسر تحت وطأة ماجرى في مصر،ولامارأيناه ايضا في تركيا،وتلك التغييرات التي رأيناها في الدوحة،وهي عوامل تلعب دورا في حركة الاسلاميين في الاردن،فوق عدم الحسم في سورية،وبرغم ان سيناريو المناددة والتحدي مطروح عند مستويات معينة الا ان كثرة من المراقبين تسأل عن جديته في هذا الظرف.
ينبغي الاعتراف هنا بحقيقة مهمة تقول ان هناك ردة عامة في الاردن عن فكرة الربيع العربي،لاعتبارات لاتتعلق بالتعاطف مع الاسلاميين او الانقلاب عليهم،ولاتتعلق بتقييمات قوة التيارات الوطنية الاخرى،وسبب هذه الردة يعود الى تقييمات عامة يتم تداولها بين الناس،حول ان الشعوب العربية التي كانت تشكو من الخراب في حياتها نجحت في هدم هذا البنيان الخرب،لكنا لم تنجح في بناء بنيان جديد،بل جلست فوق الخراب تتفرج على المشهد المعلق،لا..بقيت كما هي،ولا اعادت بناء ماهدمته.
معنى الكلام ان قدرة التيارات الوطنية ستكون غائبة هنا،ولن تستطيع تعبئة فراغ الاسلاميين الذي تظنه متاحا،لان الفراغ ذاته تحقق بسبب موقف عام من كلفة الحراكات،وليس لوجود جمهور انفض عن الاسلاميين ويريد ان ينتقل الى موجة اخرى.
الاغلب ان معاناة الحراكيين من كل الاتجاهات سوف تشتد في سياق اقناعها للناس بالعودة الى الشارع،فرسالة الذين انفضوا غير موجهة عمليا للحراكيين من كل الاتجاهات بقدر كونها اعلانا لحالة الطلاق مع الشارع والمظاهرات والمسيرات،واغلب الظن هنا ان الحركة الاسلامية من جهتها ذكية ولن تنزلق باتجاه مواجهة مع السلطة والدولة،اذ ليس معقولا ان يخسروا في القاهرة،وينتقموا من عمان.
غير ان النداء الاهم موجه هنا الى الدولة بما ان الله تعالى سلم الاردن من الفوضى العارمة،ومرت هذه الحقبة بأقل الخسائر،وعلى الدولة ألا تتصرف بمنطق الفائز على هذه الاتجاهات والحراكات،وان تسعى الى وصفة تعيد لم شمل الداخل الاردني،عبر تجديد عملية الاصلاح،وتلبية كثير من الشعارات المنطقية،وتطبيق العدالة،ومحاربة الفساد،وغير ذلك.
الدولة اليوم لم تعد تحت ضغط احد،وهذا يلزمها النظر الى كل الفرقاء باعتبارهم ابناء البلد وشركاء، وليس مجرد مهزومين في معركة الربيع العربي،حماية للداخل من المستقبل،ونزعا للشعور بالمرارة في صدور كثيرين من ابناء الحراكات الاسلامية والوطنية.
لاشيء يحمي الاردن اليوم،سوى التخلص من منطق المنتصر والمهزوم في الداخل،عبر خطة تعيد الجميع الى مربع الوطنية،على اساس قواسم ترضي الجميع،وتفك اسرنا من ارتدادات الاقليم،وشروره ايضا.
الدستور