بَعْدَ الإسْتِمَاع الى خِطَاب الرئيس مُرْسي الآخير قَبْلَ عَزْلِهِ مِنْ مَنْصِبِهْ، شَعَرْتُ و كَأنًهُ يَسْرَح بوادي بَعيدْ عَنْ السَاحَةِ المِصْرِيَة، هكذا ألقى خِطَابَهُ مُصِراً على رأيه و مَوْقِفِهِ كَرَئيسْ تَمً انْتِخَابَهُ في العَام المَاضي، فَشَدَدَ الرئيس مُرْسي على انً الشَرْعِيَةَ هي التي كَلًفَتْهُ بإدراة البَلَدْ و هي الحَكَمْ و الفَيْصَلْ بِحَيْثِيَات مَسَار الإنتخابات التي سَتُحَدِدْ متى يَتِمْ انْتِخَاب البَرْلَمَان القَادِمْ و الرئيس القَادِمْ لِمِصْر؟! و مضى بِخِطَابِهِ يُطَوِبْ بِعِبَارات ذَكِيَة الثَوْرَةَ و دِمَاء شُهَدائِهَا (رَحِمَهُمْ الله) و يَحُثَ الشَعْب انْ لا يَدَعْ بَقَايا النِظَام السَابِقْ (بِحَسَبِ قَوْلِهْ) بالعَوْدَةَ لِلْقُوَة و السُلْطَة لِمِصْر...ما هَذِهِ الغُرْبَة عن الواقِعْ بالشَارِع المِصْري؟ لا أعلم، لِمَنْ كان مُوَجًهْ هذا الخِطَاب بالضَبْط...هَلْ كان مُوَجَهْ لِجُمْهورِيَة مِصْر العَرَبِيَة؟


فإذا امْعَنَا النَظَرْ بِحُشودْ المُتَظَاهرين الضَخْمَة بالشَارِعْ المِصْري حَالياً و طَبيعَةَ مَطَالِبِهِمْ بِرَحيلِهِ كَرَئيسْ و بِتَرْتيبْ انْتِخَابات مُبَكِرَة بَرْلَمَانِيَة و رِئَاسِيَة و بِتَرْتيبْ دُسْتور تَوافُقي للأُمَة و بِإصْلاحات سِيَاسِيَة و اقْتِصَادِيَة سَنَرَى انً هَذِهِ المَطالِبْ لَمْ تأتي إلا بَعْدَ سَنَة كَامِلَة لَمْ يَلْمَسْ بها المُواطِنْ المِصْري اي تَقَدُمْ ايجابي في البِلادْ مِنْ وَقْت تَنَازُلْ الرئيس السَابِقْ عَنْ رِئَاسَةْ مِصْر في ثورة 25 يناير، فالإقْتِصَاد بإنْحِدار مُسْتَمِرْ بِحَسَبِ ما يَتِمْ تَداوُلِهِ على ارض الواقع و عَنْ طريق القَنوات الإخْبَارِيَة و التَوافُقْ السِيَاسي ايْضاً بَيْنَ التَيَارات الحَاكِمَة و المُعَارَضَة ازداد سوءا و تَمَتَعْ بإهْمِال مِنْ قِبَلْ النِظَام الحَاكِمْ...بل تَجَاهُلْ مَطَالِبْ و رُؤْيَةْ المُعَارَضَةِ مِنْ مُنْطَلَقْ انً الأَغْلَبِيَة انْتَخَبَتْ الأَنْظِمَة الحَالِيَة لِلْحُكْم و لِذَلِكَ لا دور لِتَيَارات سِيَاسِيَة مِصْرِيَة غَيْرَهُم في المَشْهَد السياسي الحالي مِمَا تَسَبًبَ بِقِيَادَةْ أُوْحَادِيَةْ الجَانِبْ لِلْبِلاد أَدًتْ الى فوران الأَزْمَة بَيْنَ التَيَارات الحَاكِمَة و المُعَارَضَة بِصورَة لا يُمْكِن اصْلاحُهَا بِسُهولَةْ،


الذي لَفَتَ انْتِبَاهي هُوَ خُلو خِطَابْ الرئيس في الأَرْبِعَاء الماضي و خِطَابَهُ الحالي مِنْ انْجَازات مَلْموسَة يُشير بها الى تَحَسُنْ مَلْموس في الإقْتِصَاد او في السِيَاسَة الداخِلِيَة لِلْبِلاد...فلا أَظُنْ أنًهُ وَجَد انْجَازا واحدا في مَلَفِهِ كَرَئيس يَتَغَنىَ بِهِ امام مُؤَيِديهْ او حتى المُعَارَضَةِ لإلْجَامِهَا عن مُهَاجَمَتِهِ، فَحُكْم الرَئيسْ الحَالي لِمِصْر تَزَيًنْ بِمَجْموعَة مِنْ الكَوارِثْ أَدًتْ الى انْفِجَار ثَوْرَة آخرى في وَجْهِهْ ابتدأت بِحَرَكَة تَمَرُدْ و هي مُسْتَمِرَة الى يومِنَا الحالي في مُعْظَمْ المَيَادين و المُحَافَظَات المِصْرِيَة، فلا يَجِبْ انْ يقول الرئيس مُرْسي انً المُعَارَضَة هي مَنْ تُعيدْ البِلادْ الى حَقَبَةْ ما بَعْدَ ثَوْرَة 25 يناير بَلْ تَقْصيرَهُ هُوَ و بالبرلمان في ادارة شُؤونْ البِلادْ هُوَ مَنْ اعَاد البِلادْ لِتِلْكَ الحَقَبَة السَالِفَة، لِذَلِكَ بدا لي و كَأَنًهُ يَسْرَح بوادي بَعيدْ عَنْ المَشْهَد الحالي الحَاصِلْ بالشوارع بِمُحَافظات الجُمْهورِيَة...بل كان يَتَكَلًمْ الهيروغليفية....رُموزْ غَيْر مَفْهومَة لِلْمُواطِنْ المِصْري المُرْهَقْ و المُثْقَل بِهُموم لُقْمَةْ العَيْش و الخَائِفْ مِنْ التَشويش السِيَاسي و لَكِنْ الذي يَتَمَتًعْ بالذَكَاء، فَتَعَلًمَ هذا الشَعْب كَيْفَ يُحَاسِبْ قَادَتِهْ على التَقْصيرْ، فالذي لَمْ يَفْهَمُه الرئيس الحالي ان الأغْلَبِيَة اعْطَتْهُ مُهْلَة سَنَة لِلْعَمَل...و عِنْدَما لَمْ يَعْمَل بِحَسَبِ التَوَقُعَات هَمُو الناس لِلْميَادين لِيَطْلُبوا مِنْهُ الرَحيلْ، فَهَذا الشَعْب لَمْ يَعُد يُطيقْ الوُعود الكَذابَة و الدِبْلوماسِيَة المَعْسولَة بِالمُسَكِنَات، و لُغَة الرئيس الهيروغليفية هي البُرْهَان...فَلَمْ يَفْهَم لُغَتَهُم لِذَلِكَ تَكَلًمَ بالهيروغليفية...لِتَثْبُتْ التُهْمَةَ عليه...