مصر في مرحلة انتقالية معقدة
ابراهيم غرايبه
04-07-2013 04:43 AM
تحتاج مصر، وجميع الدول العربية التي تواجه أحداثا سياسية أو اضطرابات صعبة وحتى المستقرة منها حتى الآن، إلى تنظيم وإدارة مرحلة انتقالية تعبر من خلالها إلى ديمقراطية اجتماعية، وإصلاح شامل، وتقدم اقتصادي. ولا يمكن الهروب من هذا الاستحقاق لأنه منطقي وحتمي. ففي تطلع الشعوب والمجتمعات إلى حرياتها وكرامتها، وفي ظل فشل النخب السياسية والاقتصادية في إدارة موارد البلاد ومجتمعاتها وأسواقها، والفجوة الاجتماعية والاقتصادية الواسعة التي تشكلت بفعل استبداد النخب وفشلها واحتكارها للنفوذ والموارد والفرص؛ لم يعد ثمة مجال إلا لاضطرابات اجتماعية وسياسية، أو إصلاحات ومراجعات شاملة. وكل ما يحدث حتى الآن هو لعب في الوقت الضائع، وشراء للوقت.
المراحل الانتقالية والمعقدة تحتاج إلى إدارة إبداعية، يمكن ملاحظتها وقياسها بإنشاء إجماع وطني. ولا بأس لأجل هذا الإجماع من تنازل الأغلبية لأجل مشاركة جميع الفئات والاتجاهات والطبقات. في هذه المشاركة، سيكون جميع الأطراف حريصين على النجاح وتجنب الفشل، ويكون الكاسب الأكبر هو صاحب الأغلبية، وبخاصة إن كان الخصوم قادرين على إفشاله، أو يملكون قاعدة اجتماعية واسعة. ولكن الأغلبية في حالة إقدامها على مشاركة واسعة، سوف تكتسب الإجماع.
والمراحل الانتقالية تدار بالتسويات وليس بالصراعات الصفرية، ولا حتى بالانتخابات؛ إذ يصعب إقصاء طرف قوي ويملك مؤيدين. وهذا ينطبق على الإخوان المسلمين وخصومهم في مصر، وربما يكون النموذج التونسي مناسبا، مع الأخذ بالاعتبار الثقافة السياسية السائدة التي لا تشجع على العمل المشترك في ظل التنافس، والتي تُظهر أن الإخوان المسلمين وجماعات الإسلام السياسي تملك قاعدة اجتماعية واسعة، وتُظهر أيضا هشاشة الديمقراطية كأساس للتنافس والتأثير.
مؤكد بالطبع أن انسحاب الإخوان المسلمين والجماعات الدينية والجيش من العمل السياسي أفضل للحياة السياسية. وهذا الانسحاب لا يعني إغفال دور الدين، ولكن يجب النظر إليه باعتباره موردا ومرجعا لجميع المواطنين، لا تحتكره ولا تدّعي الانفراد به أو الوصاية عليه فئة من المواطنين؛ فكلنا مكلفون ومسؤولون على قدم المساواة تجاه الدين والخطاب الديني.
ولكن حتى يحدث ذلك، وتنضج الحياة السياسية في هذا الاتجاه، نحتاج إلى تفاهمات وحوارات تتيح لجميع الاتجاهات تمثيل نفسها والمشاركة العامة، على الأقل في هذه المرحلة الانتقالية. ولا يمكن إغفال أهمية النوايا الحسنة والاحترام المتبادل في الصراع والتنافس والحياة السياسية بعامة.. ولا يمكن نزع المبادئ والمثل العليا والقيم من العملية السياسية.
ibrahim.gharaibeh@alghad.jo
الغد