الاستشراف الأردني .. هل تبنَّاه الغرب ؟
د. عدنان سعد الزعبي
04-07-2013 04:40 AM
كما يستشرف الأردن مستقبل الأحداث والأزمات في المنطقة ، ويصف الصراع الملتهب المتسم بالمذهبية والطائفية والحرب الأهلية، وما ستؤول إليه، و تحذير الأردن وعلى لسان الملك في أكثر من محفل ووسيلة اعلام وخطاب، وحالة التمحور السياسي الاقليمي المذهبي بين الشيعة والسنّة، الذي نبّه له الاردن قبل سنوات وحذّر من تغلغل هذه الافكار عند طامعي السياسة في المنطقة ، والعلاج الذي باشر به الاردن برسالة عمان وتحريم تكفير الغير، كلها محطات وضعها الاردن أمام الشعوب العربية والاسلامية وقادتها ، وبين يدي صناع القرار العالمي الذين ادركوا متأخرا أنهم بأمس الحاجة لمثل هذه الوصفات والتشخيص الدقيق.
صنّاع القرار السياسي العالمي وبعد مؤتمر الثمانية في ايرلندا توافقوا على رؤى طالما طرحها الاردن من خلال جلالة الملك، وخاصة بوصفه الدقيق لتطور حالة النزاع في سورية ، والخلفيات التي تنطلق منها، والمنحى الذي تسير اليه، الذي من شأنه تعميق الشرخ المذهبي وتمزيق سورية الى طوائف قد تمتد شظاياها لمناطق الاقليم فتخلق توترا كبيرا في حالة الاستقرار في المنطقة، فما جرى ويجري في لبنان امتداد طبيعي لحالة الفوضى التي زرعتها ازمة سورية، وحالة الولادة الجديدة لمحاور الفتنة واستغلال الدين كأداة لتحقيق المآرب السياسية .
معاناة الاردن من انعكاسات الاحداث والتخوف من امتداد الشرارة لتلهب سهول الوطن الخضراء، ومحاولة التطرف والتكفيريين والمستائين من النموذج الاردني، اقحام الاردن في كل هذه المتناقضات، هاجس اردني بامتياز ولا بد من التعامل معه بكل حكمة وتوازن واقتدار، فنحن واثقون بقدرة قواتنا التي ستكون درعنا الواقي الحامي لثرى الوطن من التدنس، لكننا بأمس الحاجة لتكنولوجيا تساعدنا على تعزيز قدرتنا الدفاعية ونحافظ على أمننا الوطني وسلامته.
ولهذا فإن تعزيز قوة الاطراف والتدخلات العسكرية الخارجية وتقوية طرف على طرف للاستئثار بالقرارات السياسية بناء على الواقع الميداني حالات مرفوضة لان نتائجها المتوقعة ابشع من جميع السيناريوهات التي تحكمها مصالح الغرب .
التوصيف الاردني لحالة الخطر الداهم التي شرحها الملك بكل تفاصيلها اصبحت السيناريو الذي يركز عليه المجتمع الدولي، ليس فقط في التعامل مع النزاع السوري الذي يطالب صناع السياسة الامريكان باعطائه اولى اولويات امريكا، ولكن ايضا في التعامل مع القضية الفلسطينية لب الصراع في المنطقة، وما محاولة دول الغرب فرض حظر استيراد منتوجات اسرائيل الا حالة ضغط لايجاد حل عادل للقضية الفلسطينية على مبدأ الدولتين، حيث نسمع اصواتا اسرائيلية فاعلة تنادي بما يطرحه الاردن لعلاج القضية الفلسطينية امثال شمعون بيريز وليفني اللذين يصران على تخلي نتنياهو عن فكرة حكم الفلسطينيين.
الوصفات العلاجية التي قدمها الاردن من خلال الملك انبثقت من عمق الرؤية الاردنية وشفافيتها وخبرتها ودراستها لواقع الاحداث وطبيعتها والمتغيرات التي تحكمها وتؤهلنا في الاردن لان نرسم سيناريو الاحداث ونصف علاجها .
انها النتيجة التي اقنعت امريكا وروسيا والاوروبيين والصين وقبلهم الامم المتحدة للازمة السورية. وأن يكون الحل سلميا وبمشاركة الجميع دون استثناء وبلا شروط في مؤتمر جنيف 2 .
جهود اردنية ملكية بامتياز يقوم بها الملك ليضعنا دائما على خارطة القرار الدولي وبدور متوازن عقلاني يعكس مدى الوعي والشفافية الاردنية .
بقي علينا ان ننتبه لذاتنا ونعالج مشاكلنا ونتسلح بكل ادوات الدفاع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ونُشعر المواطن انه اولويتنا، وان دوره اساسي و ثقته هي القاعدة التي نبني عليها حاضر ومستقبل الوطن. دعونا نعيد العلاقة والثقة بين المواطن وبقية اجهزة الدولة ، دعونا نفك قيود الاعلام ونتركه كالطير حرّا طليقا! دعونا نعزز استقلالية القضاء وننتهِ ممن يسيئون اليه ! دعونا نخرج قانونا انتخابيا يفرز من يمثلون حقيقة الشعب، لا من فرضوا عليه، دعونا نحارب الفساد بروح الجدية التي تقنع الناس؟ دعونا نستثمر ما خلق الله لنا من موارد، دعونا نستفدْ من ميزة المواطن الاردني وتأهيله، دعونا ...ودعونا؟
Ad_alzoubi@alarabalyawm.net
العرب اليوم